للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب في سير أعلامه:]

ملتن. . .

(القيثارة الخالدة التي غنت أروع أناشيد الجمال والحرية

والخيال. .)

للأستاذ محمود الخفيف

- ٣٥ -

الفردوس المفقود: موضوع القصيدة الكبرى

ويفتتح الكتاب الثالث بمناجاة النور مناجاة تعد من أروع ما في القصيدة من مواضع الجمال، وقد أراد الشاعر بهذه الفاتحة أن يمهد للانتقال من الجحيم والعماء إلى الجنة وما فيها من زينة وبهجة.

ثم يتحدث الشاعر عن الله وقد استوى على العرش وعلى يمنه ابنه، وقد رأى الشيطان طائراً صوب الدنيا وقد تم خلقها قريباً، ويُرى الله ابنه هذا الشيطان في رحلته وينبئه بما سيكون من نجاحه في إضلال بني آدم وغوايتهم. ويبرئ الله عدالته وحكمته من كل مظنة أو لبس فقد خلق الله الإنسان حراً قادراً تمام القدرة على أن يقاوم مضله الموسوس له؛ ومع ذلك فأن الله يكشف عما يشاء لعباده من هدى وسعادة وذلك لأن الإنسان لم يعص كالشيطان بدافع من الشر، وإنما عصى بدافع من الغواية التي لاحقه بها الشيطان حتى أذله وأخرجه مما كان فيه.

ويرفع ابن الله شكرانه على ما أظهره عليه من نية ومشيئة في إسعاد الإنسان؛ ولكن الله يعود فيعلن أن رحمته سوف لا تنال الإنسان إلا على أساس ما ينبغي للعدالة الإلهية من كمال؛ فقد أساء الإنسان إلى جلال ربه بطموحه إلى الألوهية واقتطافه الثمرة المحرمة، ولذلك قدر عليه أن يموت ولا بد أن يدركه وذريته الموت، وما له من خلود إلا أن يوجد من هو كفء لأن يسأل عن خطيئته ويكفر عنها بما يحتمل من ألم وعقاب؛ ويتقدم ابن الله طائعاً مختاراً لكي يكون هو الفداء للإنسان، ويتقبل الأب منه هذا الذي يعرضه، ويأمر به

<<  <  ج:
ص:  >  >>