للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[رابطة النقد بالأثر الأدبي]

وأهداف النقد

للأستاذ خليل هنداوي

نص المحاضرة التي ألقيت في حمص بروضة البلدية في ١٧ يوليه على جمع غفير من هواة الأدب. وكانت حفلة زاهية دلت على إقبال شديد على حوض الأدب. وقد تخللها قصائد ومقطوعات لشعراء حمص الشباب جددت عهد ديك الجن الحمصي، وقد أطرب الزائرين عزف نادي (دوحة الميماس) ولا عجب في تعانق الأدب والفن في مثل هذه الحفلة، فإنهما عنصران يتمم أحدهما الآخر. وهكذا سادت الجو روح وثابة مفعمة بالخواطر الرفيعة والشعر الجميل. وفي هذا الجو العالي ألقيت هذه الكلمة. . .

(خ. هـ)

كنت أود أن أزوركم خفيفاً لا مثقلاً، أمتع العين ببهجة مدينتكم ولا أجهد عقلي وعقولكم. كنت أود أن آتيكم زائراً لا محاضراً حتى أرى ألوانكم الطبيعية وتروا لوني الطبيعي. ولكن الأخ الأستاذ محمد روحي فيصل ألح علي في أن تكون الزيارة للمحاضرة، ولكنه روعني كثيراً وكاد يدخل الجزع في نفسي لأنه وصفكم لي وصفاً يبعث على الخوف. قال لي: إنك ستنزل في قوم يدرسون آثار الأديب ويحصون عليه خطراته، ويمنعون فيها تحليلاً وتعليلاً. بل سترى فئة عرفت آثارك وتعرف أفكارك ما تجانس منها وما تنافر. لأنهم قوم يقرءون ويدرسون ويحللون ويناقشون. فقلت له: ما دام الأمر هكذا فدعهم على الأقل يتناولوني وأنا بعيد عنهم، ويسلقوني بألسنتهم الحداد من حيث لا تشوى نارهم جسدي، ولا تبلغ مديتهم ودجىَّ. أتريد أن تسلمني إليهم يداً بيد؟ ولكن ما دواعي هذا الجزع؟ ولم أخشى الفئة المناقشة؟ ألسنا ندعو إلى أدب عميق يستمد من ثقافة عميقة؟ ألسنا نحرره من الدجالين ونغزوه عزواً مستمراً بالفكر حتى يغدو أدب الحياة وأدب الحقيقة؟ وكيف أخشى قوماً هذا عملهم؟ وإنما الأجدر بي أن أكون واحداً منهم فيما يعلمون. والأجدر بي أن أشكر هؤلاء القوم لأنهم مراقبون - لا بمعنى لجان المراقبات والحياد السياسي - ولكن بمعنى المراقبة الحقيقية التي تجعلنا نتحقق إذا كتبنا، ونتأنى إذا فكرنا، وإذا كان هدفنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>