للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[شعر الزواج]

للأستاذ عبد المجيد مصطفى خليل

لعل (شعر الزواج) على هذا النهج موضوع جديد، كان لكل جديد غرابة، فقد تزول الغرابة بالبيان

يتناول الشاعر، وسائر أهل الفنون، حوادث حيواتهم بالشعر والتعبير. والزواج من أهم حوادث الحياة. فإذا تزوج شاعر يحسن الشعور بالزواج فكيف لا يكتب القصيد في حياته الزوجية؟! وإذا اقترن موسيقار فلماذا لا يشدو بقرانه؟

ويباح للشاعر وصاحب الفن الجميل الغزل بالفتاة الصبيحة، حتى نسب إلى أبي بكر الصديق أنه تغزل فقال:

أمن طيف سلمى بالبطاح الدمائث ... أرقت، أو اُمْرٌ في العشيرة حادث؟

وحتى أنشد كعب بن زهير النبي محمداً عليه الصلاة والسلام شعراً بدأه بالغزل على عادة العرب فقال:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ... متيم إثرها لم يفد مكبول

فهذا الغزل بالفتاة مباح للشعراء فكيف بالزوجية؟! إن الزوجة أحق بالغزل. ومن الغزال لائق وخليع. فللزوجة غزل لائق مهذب

هذا النقص في شعر الزواج يسترعي النظر. فهل وجد معظم الشعراء وأهل الفنون زوجاتهم تافهات؟ فإذا فرضنا هذا فإن لكل جديد فرحة ولو كان تافهاً. على أن الزوجة التافهة قد لا تظهر تفاهتها سريعاً. والناس مختلفون في غنى الشخصية. فقد تفرغ شخصية بعد أيام من الصحبة وتفرغ أخرى بعد أشهر، على حين تفرغ أخرى بعد أعوام، وغيرها لا تفرغ أبداً ما عاشت ثم بعد الممات. ففي فجر الحياة الزوجة تحس النفس المعبرة بتحية صادقة لهذي الحياة الجديدة. هذا منطق الشعور، وتلك طبيعة الإحساس. فإذا ما جاشت النفس وسطر القلم العواطف ثم بدت الزوجة تافهة عز على صاحب الفن وأْد فنه. هنا يجب التفريق بين فن صادق وشيء خادع ألهمه. فهذا (شلي) كتب قصيدة رائعة في فتاة باهرة السطوح بائرة الدخائل، ظهر زيفها قبل أن تتم القصيدة! راحت فرحة الشاعر، وضاع أمله وعراه الخجل، ووشابه الكدر، ومع ذلك أبقى على القصيدة وعاشت وخلدت

<<  <  ج:
ص:  >  >>