تدور الدنيا وتدور، وتذهب الأيام ولا تعود، وتتفرق الجماعات ولا تدوم، وهذا الحرم المدرسي المعنوي قائم لا يحول ولا يزول
واسع الرحبات، فسيح الجنبات، يستقبل الأجيال بعد الأجيال، في رضا ومهابة وسلام
هؤلاء الذين نراهم فيه اليوم رأي العين، هم أولئك الذين كنا نراهم فيه، أيام كنا فيه بالأمس، رأي الغيب - وهكذا حلقة إثر حلقة وجيلاً بعد جيل
هاهم أولاء يلعبون كما كنا نلعب، ويدرسون كما كنا ندرس - أبناء لآباء ثم آباء لأبناء، والكل عند المحراب سواء
ساحة دائمة البقاء، تتلاقى فيها ما لا يتلاقى إلا فيها من حلاوة الدهر، وبراءة السن، وبداوة العمر
ساحة تتجلى فيها حياة الفكر والروح، وتلعب فيها حكمة الشعوب لعبتها الكبرى في صقل العقول وتكييف الميول
هنالك تشهد الإنسانية أبناءها الصغار بين أيدي أبنائها الكبار، فترجو أن ترى في هؤلاء الصغار أسمى معانيها الكبار
في البيت تتجلى مسؤولية الفرد، وهنا تتجلى مسؤولية الجماعات
إن مراكز الجماعات من نواد وجمعيات وثكنات وما يخرج عنها للسلام وللعراك، من حروب ورحلات واجتماعيات، هي لا شك في حياة الشعوب والأمم روابط وعهود وذكريات، يختلط فيها الدم بالدم، واللحم باللحم، والفكر بالفكر. ولكن يشهد الله أن عهد المدرسة هو عهد الجميع، وهو فوق جميع العهود، بل هو قبل جميع العهود، هو عهد الصداقة والأخوة والصفاء
هو الحقل الذي توضع فيه البذرة الأولى لشجرة الأخوة الأولى، تنمو وتنمو، فتنمو معها