للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في مجمع الرذائل]

للأستاذ فخري أبو السعود

عقَدَ الرذائلُ في خلاءٍ مجمعاً ... في مهمةٍ نائى المزار يباب

يَنثُرنَ كلّ حديثِ سوءٍ مْجتَوًى ... بينَ الدِّنانِ ومُتْرَعِ الأكواب

وتتابعت ثَمَّ الرذائلُ كلها ... يَخْطبْنَ في لَسَنٍ وفي إطناب

متفاخراتٍ بالذي رَنَقَنَ من ... نعماَء أو قطٍعن من أسباب

وتدفقَ الحسدُ المفَوّه واصفاً ... مَسْرَاه في الأكباد والألباب

وتلاهُ ثمتَ الاغتيابُ يَقُصُّ ما ... يمشي به من فتنةٍ وتَباب

حتىإذا سكت الجميع وقَرَّ ما ... في الحفل من جدل ومن تَصخاب

ارتدَّ حُبُّ النفْسِ ثمتَ قائماً ... نضرَ الصبا مُتألقَ الجلباب

متبسماً متمكناً من نفسه ... فِعْلَ العريق المجدِ والأحساب

فدعا: ضُيوفي! قد سمعتُ خطابَكم ... فتسمعوا أنتم لفَصْلِ خطابي

أنا ربُّ هذا الخَلْقِ دانوا كلهم ... لِعُلاَيَ قَبْلَ عِبَادَةِ الأرباب

وأنَا قَهَرْتُ عَدُوىَ الإيثارَ إن ... ناداهمُ وَلوْا بغير جواب

وإذا دعوتُهُمُ فَرَهْنُ إشاَرَتي ... وهُمُ على ما رُمْتهُمْ أَحَزابي

أنا مُفسِدُ الوُدِّ الذي زعموه من ... قدَمٍ فكلُّ الود محض كِذاب

إما رأيتُ وثيقَ ود بَينهمْ ... أنفَذْتُ سهمي فيه أو نُشابي

فأنَبتَّ أو وَهَنَتْ عُرَاهُ أو اغتدى ... زَيفاً مِنَ الأقوال والألقاب

مِن ذاك يحسَبُهُمْ جميعاً مَنْ رأى ... وقلوبُهمْ شَتى هَوىً وطِلاَب

ويُرَى الودادُ أَقَلَّ ما احتفلُوا به ... منِ طيبِ ذُخْرٍ أو كريمِ رغاب

لم يأخذوا في العيش أو يُعطُوا سوى ... ما دوَنوا في دَفتَرٍ وحساَبِ

وأنا المغالي في النفوسِ بِقَدْرها ... حتى تُصَغرَ مدحَ كلِّ محابي

وأنا المبررُ للخَطايا عِندَها ... فَتَرَى صواباً كلَّ غيرِ صواب

وأنا مشوهُ كل فضلٍ ظاهرٍ ... للغير وهو أحقُّ بالإعجاب

وأنا محرضُ من تجاوزَ حقه ... وبغَى على القُرَناءِ والأصحاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>