للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فصول ملخصة في الفلسفة الألمانية]

١٧ - تطور الحركة الفلسفية في ألمانيا

فرديدريك نيتشه للأستاذ خليل هنداوي

غزوات نيتشه

أثرت في نيتشة تعاليم شوبنهاور تأثيراً ظهر في كتابه (نشأة المأساة) وعنه اقتبس قواعد كتابه. فاتخذ الإرادة منه كشيء قائم بنفسه؛ والذاتية في الوجود مصدر كل ألم، والموسيقى كلغة أصيلة للإرادة. وفي الكتاب ذاته يرحب بشوبنهاور ويحييه تحية العبقرية، يرى فيه هاديه إلى الحقيقة، ويحلل تأثيره وما يمكن لهذا التأثير أن يفعله في الأرواح الحديثة. يقول: (إن الإنسان اليوم يتحرى عن ذاته، ولا يفتأ يتحرى حتى تهديه المصادفات إلى معلم نافع فيتبعه، لا يعمل هذا المعلم على تخطيط آثار وتعيين طريق من الطرق المختلفة، ولكنه يعمل على استنقاذه من كل ما يمسك عليه حريته ويحول بينه وبين الوصول إلى هذه (الذات) الغامضة المتوارية في أحناء كل إنسان)، ولم يكن معلمه إلا شوبنهاور

شاهد فيه للوهلة الأولى ذلك الفيلسوف الصادق المستقيم الذي يتحرى عن الحقيقة في كل ما حبر وسطر. وفي مدرسة شوبنهاور تعلم نيتشه أن يرى الحقيقة كما هي بما فيها من قبح وبما تنطوي عليه من ألم. وتعلم أن العبقرية يجب أن تناضل عصرها وأبناء عصرها حتى تحمل الناس على الاعتقاد بوجودها، فهي حين تناضل الضعف وتحارب الرذيلة، تحاول في هذا كله أن تطهر ذاتها من كل الأوضار التي دخلت عليها من مجتمعها

وأخيراً وجد نيتشه في شوبنهاور تعريفه لحياة البطولة؛ (أما الحياة السعيدة فهي ضرب من المحال. ولكن الذي يمسح الإنسان بمسحة الجلال هو أن يعتنق حياة البطولة، وأن يقضي وجوداً تزينه الرجولة. لا تحفل بأن تكافأ على حياتك، فخير ما تكافئ به نفسك أن تكون عظيماً ظافراً، ذكراك تبقى حية، وأنت تمجد تمجيد الأبطال؛ وإرادتك نثب من خطر إلى خطر. وتصعد من قدر إلى قدر، حتى تتلاشى في (النرفانا)) وهكذا خال نيتشه أنه وجد في شوبنهاور روح (ديونيزيوس) التي تعتمد على الإرادة وحدها

الغزوة الرابعة

<<  <  ج:
ص:  >  >>