للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[١٢ - قصة المكروب]

كيف كشف رجاله

ترجمة الدكتور أحمد زكي

وكيل كلية العلوم

بستور

صلة حديثه

وصل الفائت: أثبت بستور أن الذي يخمر السكر فيحيله إلى كحول إنما هو خمائر كرية صغيرة تتزايد بالانشقاق. وان الذي يحيله إلى حامض اللبن هو مكروبات كالعصى. وأخترع بستور حساء من السكر وملح النشادر تتكاثر فيه هذه الأحياء بدل مرق اللحم ونقيع الحب. وقال للناس أن اللحم يفسد لان المكروب يناله، فتخرج منه بالتحلل روائح كريهة تحمل المرض والموت في طياتها. وأنه سيخوض في سبيل البحث غمار هذه الأوبئة لخير الإنسانية

- ٤ -

وبذلك هيأ بستور المسرح لإجراء تجاربه الخطيرة. هيأه قبل إجرائها بزمن طويل. فوضع فيه المناظر ووزع فيه الستائر، ومازج وآلف بين الألوان، وأخفت الأنوار حيث وجب خفوتها، وأسطعها حيث يجمل سطوعها، فأثار بذلك طبيعة العلماء الباردة، فاستمعوا له بآذان مرهفة، وقلوب واجفة، انتظارا لدور البطولة الذي سيقوم به في القريب على أعينهم، حتى لكائني بهؤلاء الأساتذة الموقرين يسيرون في شوارع الحي اللاتيني العتيق، بين ربوعه الغبراء، رائحين في الإمساء إلى منازلهم، وقد ثارت ثائرتهم، والتهب خيالهم، فتمثلوا بستور يودعهم في حرقة وداع الفراق الذي لا أوبة له، ثم يوليهم ظهره، ويسير بقدم ثابتة، وصدر مفتوح، ورأس مرفوع، وانف وسيع، نحو تلك الروائح الكريهة قد حملت في طياتها جراثيم الموت وأسباب الهلاك. . .

في هذا فاق بستور صاحبنا لوفن هوك، وفي هذا آفاق أسبلنزاني كذلك. كان بستور يجيد

<<  <  ج:
ص:  >  >>