للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رؤيا (مرزا)]

للكاتب الإنجليزي أديسون

بقلم الأستاذ محمود الخفيف

قال أديسون:

قد اتفق لي حينما كنت في تلك المدينة العظيمة، مدينة القاهرة، أن اشتريت بثمن بخس بعض المخطوطات الشرقية القديمة التي مازلت محتفظاً بها

وبين تلك المخطوطات التي صادفتها مجموعة تسمى (رؤى مرزا) قرأتها في سرور عظيم ثم عولت على تقديمها إلى القراء إذ لا أجد لدى غيرها أسرى به عن نفوسهم؛ وسأبدأ بأولى تلك الرؤى وهأنذا أترجمها كلمة كلمة فيما يأتي:

في اليوم الخامس لظهور القمر ذلك اليوم الذي كنت أقدسه جرياً على عادة جدودي ارتقيت تلال بغداد العالية بعد أن أديت فرائض الصباح، لأقضي هنالك بقية اليوم في التأمل والصلاة

وبينما كنت أنعم هناك بالهواء الطلق على قمم الجبال، إذ وجدت نفسي غارقاً في تأمل عميق حول حياة الإنسان وما يكتنفها من غرور، وإذ كنت أتنقل من فكرة إلى فكرة فقد ناجيت نفسي قائلاً: (حقاً إن الإنسان خيال، وإن حياته حلم). وبينا أنا كذلك أعمل الفكر، إذ أخذت عيناي رجلاً في زي الرعاة على رأس صخرة تقع غير بعيد مني، وكانت في يده آلة موسيقية، فلما رآني أنظر إليه رفعها إلى شفتيه وجعل ينفخ فيها ألحانه؛ وكان صوت تلك الآلة فائق الجمال كما كانت تنبعث منها طائفة من النغمات الرخيمة لم يسبق أن صادفت مثلها رونقاً وطرباً. ولعمري لقد صورت لي تلك الألحان هاتيك الأنغام السماوية العذبة التي تقابل بها أرواح الصالحين حينما تصعد إلى الجنة، هنالك حيث تذهب عنها آثار آلامها الأخيرة وحيث تتأهب لما أعد لها من النعيم في ذلك المكان السعيد، وسرعان ما اهتز قلبي في انتشاء عجيب

وكثيراً ما أخبرت من قبل أن الصخرة القريبة مني مسكن جني، وأن كثيراً ممن مروا بها قد سمعوا تلك الألحان الموسيقية، ولكني لم أسمع قبل اليوم أن ذلك الموسيقار يظهر للأعين

وقد أنعش ذهني بأنغامه العذبة وهيأ فكري لسماع محاورته وأنا أنظر إليه نظرة الحائر،

<<  <  ج:
ص:  >  >>