أذكرنا الأستاذ الألمعي محمد فريد أبو حديد بوقعة عين جالوت بين المصريين والتتار، ووقفة الأولين فيها موقف الذائدين عن حياض الإسلام الذابين عن كيانه
وما كان الإسلام لينسى لمصر ذلك اليوم الأغر المحجل الذي دفعت فيه ذلك السيل المتدافع من التتار وردتهم على أعقابهم يتعثرون في أذيال الهزيمة والخسران، ورفعت فيه نير التتار عن أعناق المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، في يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رمضان لسنة ٦٥٨هـ (١٢٦٠م)
موقف المسلمين الأول في عين جالوت
وللمسلمين في عين جالوت مثل هذا الموقف المشرف سبق موقفهم الثاني بنحو ثمانين سنة، فقد بلغ السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب اجتماع الفرنجة في قرية صفورية ورحيلهم إلى قرية الفولة فسار إليهم يطلب حربهم، وقتل منهم مقتلة عظيمة، بينا كان ينضم بعضهم إلى بعض يحمي راجلهم فارسهم، وساروا حتى جاءوا عين جالوت ونزلوا عليها، ونزل السلطان حولهم، والقتل والجرح يعمل فيهم ليخرجوا إلى المصاف فلم يفعلوا خوفاً من المسلمين؛ وكان ذلك أيضاً في يوم الجمعة السابع عشر من شهر جمادى الآخرة سنة ٥٧٩هـ ١١٨٣م كأن الله اختص تلك الليلة الغراء واليوم الأزهر بالنصر
عين جالوت في التوراة
وعين جالوت هذه هي المذكورة في التوراة في سفر صموئيل الأول في الإصحاح ١: ٢٩ باسم عين يزرعيل التي نزل عليها شاول بجيشه في الحرب التي قامت سوقها بين الفلسطينيين والإسرائيليين وأسفرت عن انتحار شاول المذكور بإلقاء نفسه على سيفه والقضاء بهذه الصورة على حياته. ومات معه في هذه الحرب بنوه الثلاثة وحامل سلاحه وجميع رجاله
وهي أيضاً عين حرود المذكورة في سفر القضاة في الإصحاح ١: ٧ - ٨ ومنها شرب جيش جدعون بن يواش المعروف أيضاً باسم يربعل عند نزوله لحرب المديانيين.