يا شباب الوادي! خذوا معاني العظمة في نسقها الأعلى من
سيرة هذا العصامي العظيم
وما كان دوجلاس ليعجز عن أن يبرر عمله أو أن يتلمس له الأوجه القانونية؛ وإذا عجز دوجلاس عن هذا فمن يقدر عليه؟ وإنه لأعلم الناس يومئذ بألاعيب السياسة وأضاليلها، يصدر في ذلك عن طبع وعن خبرة ويسدد الرمية في لباقة وخفة. .
ولم يكن اهتمام دوجلاس بتلك المسألة إلا جزءاً من خطته التي رسمها وأراد أن يدلف بها إلى الغاية التي لا يرى دونها غاية؛ وهو يتحرق شوقاً إليها ويتقطع تلهفاً عليها؛ ولا يفتأ يتبين السبيل المؤدية مهما كانت وعورة مسالكها. والآن تسنح الفرصة فيقتنصها وهو باقتناص الفرص جد خبير. موه على الناس أنه يمكن لسلطان الأمة إذ يرد مسألة العبيد إلى رأي الأمة، وأنه بذلك يجعل كلمة الشعب هي العليا لا كلمة مجلس الاتحاد. وهو إنما يرمي إلى كسب قلوب أهل الجنوب الذين كانوا من أول الأمر ترون أن يكون لكل ولاية من الحرية ما لا تتلاشى معه شخصيتها في الاتحاد، والذين يريدون أن يتخلصوا اليوم من قيود اتفاق ميسوري. . .
وإننا لنلمح فيما فعل دوجلاس مهارة الرمية، كما نلمح فيما يقول حذق السياسي وفكره وسعة حيلته. وكم في الحياة له من نظراء ممن يأخذون في سياستهم بآراء أستاذهم الأكبر مكيافلي لا يحيدون عنها ولا يفوتهم شيء من تفاصيلها ودقائقها كأنما عاد أستاذهم نفسه يصرفهم ويوجههم؛ ولقد برع دوجلاس في هذا المضمار فإنه ليجعل الغاية هي عنده كل شيء ولا عبرة بعد ذلك بالوسيلة. وهل كان مثله من السذاجة والبساطة بحيث يتمسك