للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

ليلة عيد الميلاد

للكاتب الإنجليزي (نيودورجو)

بقلم الأستاذ كامل يوسف

- ١ -

طلب الناس هدنة من أحزانهم ليلة ٢٥ ديسمبر سنة ١٩١٧ وراحوا يحيون ذكرى ميلاد (السيد المسيح)، فأنيرت الثريات الملونة، وأوقدت شموع الميلاد في كل دار، وتدفق الشراب في أجواف الناس، حتى أصبحوا لا يشعرون إن كانوا يحملون فوق أكتافهم رؤوساً أم أثقالاً. وامتلأت البطون بألذ وأفخر المآكل، حتى خيل إليهم إنها تكاد تنفجر من فرط ما استقر فيها، وتلمس كلٍ المتع فمن مخاصر إلى مراقص إلى مناج إلى مختلس للقبلات. كان الناس على هذه الحالة من المرح والسرور، وهم يقولون في أنفسهم: (غداً سيكون الطوفان) فستحمل إليهم الأنباء ويلات الحرب التي نزلت بذويهم وفلذات أكبادهم، وربما حملت إليهم هذه الأنباء، وأشفق ذوو الأمر من تبليغها حرمة لهذا العيد المقدس.

في هذه الليلة تنبه شيطان من شياطين العالم الآخر على حركة مرح غير عادية في الكوكب الأرضي، واستغرب صدور ذلك من سكان الأرض وقال في نفسه: (لعلهم لا يشعرون بما يجري من ويلات!) ولم يدر سبب ذلك فلجأ إلى زميل من زملائه يعبر له عن عجزه عن إدراك السبب، وكان بجوارهما مفستو فليس كبير الأبالسة ينصت إليهما فقال لهما في ابتسامة ساخرة: ألا تعلمون سر هذا المرح؟ اليوم ذكرى ميلاد رب السلام، فما أغبى الإنسان! إنه ينسى مصائب الأجيال والأزمان ممثلة في الحرب الأوربية الآن ويهلل فرحاً بهذا العيد!

فلما سمع الشطيان ذلك قال أحدهما للآخر: ما دام الأمر كذلك فدعنا نمزح ونضحك من الناس قليلاً هذه الليلة.

فأجابه الآخر: وأين نضحك وهنا مجال عملنا في الضحك والاستهزاء، وأشار بيده إلى جهنم. فقال الأول: حقاً إنه لمجال مُله مسل، وإنه لا يسرني شيء أكثر من ذلك الرجل

<<  <  ج:
ص:  >  >>