كتب (أوسكار وايلد) مرة يقول: إن أنواع النقد هو سجل الروح. فالناقد لا يرى في العمل الفني أكثر من وحي يوحي إليه بعمل جديد شخصي قد لا يكون بينه وبين العمل المنتقد أي وجه من وجوه الشبه، هذا الرأي (لأوسكار وايلد) يصف لنا مدرسة بأجمعها من مدارس النقد - أعني بها مدرسة الشعوربين. وفي ضوء هذه المدرسة سأحاول أن أستخلص طريقة (أرسطو) في النقد ومدرسته. فإذا ما فرغت من هذا حاولت أن أناقش هاتين المدرستين مع أي مدرسة أخرى قد تمت إليها بسبب.
ولأجل أن يكون المناقشة جلية واضحة سأبدأ الآن بأن أقتطف من بعض النقاد نبذاً عن شكسبير.
كتب الناقد الفرنسي (تين) عن الشاعر الكبير فقال: (أظهر ما في شكسبير خياله القوى الذي لا يعرف قناعة أو راحة، فهو يبعثر الاستعارات فوق كل ما يكتبه، وفي كل لحظة تتغير خواطره إلى صور قوية واضحة، ويعرض لنا عقله رسومات وأشكالاً متتابعة، وشكسبير لا يرى الأشياء أبداً في هدوء. بل إن قوى عقله جميعاً تتركز في الصورة أو الخاطر الذي يعالجه تركيزاً يملك عليه كل نفسه ويمتص كل قواه الأخرى. إن كتابنا المتوسطين يجعلون كل همهم في أن تكون كتاباتهم منطقية واضحة جلية وهم في الغالب يصيبون ما يقصدون، بيد أن شيئاً واحداً يبقى بعيداً عن متناولهم. ألا وهو الحياة.
أما شكسبير فهو على عكس هذا يدع الوضوح والمنطق لنفسيهما ويجعل كل همه أن يصيب ما يكتبه الحياة والحركة. ولهذا السبب يبدو شكسبير لنا غريباً وقوياً، ومبدعاً وخالقاً أكثر من أي شاعر من شعراء عصره أو غير عصره. أبدع من وصف النفس البشرية، وأبعد الشعراء عن المنطق وتفكير القدماء المتزن، وأقدرهم على أن يثير في النفس دنيا من الأشكال والصور الحية التي لا تموت).
وكتب (كارليل) عن نفس الشاعر يقول: (إنه لفيما اسمه رسم الصورة - معالجة الرجال والأشياء تكون عظمة شكسبير. فعظمة الرجل تأتي يقيناً من هذه الناحية - من العين