الوعد السياسي جريء في الكذب، جريء في الاعتذار، حتى أنه ليعد بإحضار القمر حين يستغني عنه الليل في آخر الشهر. . . فإذا لم يجيئوا به قالوا: سيتركه الليل في الشهر القادم. .
الزمن ضعيف في نصرة الضعيف؛ فإذا قالت دولة أوربية لدولة شرقية: سأدعك في سنة (كذا)، فمعناها في سنة (دائماً) التي لا أعرفها لا أنا ولا أنت ولا الزمن. . .
كما تضرب السياسة بقنابل حشوها البارود والرصاص؛ تضرب بقنابل حشوها المطامع والمناصب. . . .
لا يجيء الاتحاد القوي من وحدة الأحزاب المختلفة، ولكن من وحدة الحالة الواحدة في الأحزاب المختلفة.
للسياسة أحياناً أسلوب كأسلوب المرأة ذات العشاق، إذا وافق بعضهم بعضاً على النكاية بها، فرقت بين حظوظهم منها، فما أسرع ما يختلفون.
قال ذئب سياسي لخروف سياسي: أريد الاتفاق معك (حالاً). فقال الخروف: ويلك! إذا كنت أنت ذئباً للحمى، فهل تكون (حالاً) هذه إلا ذئباً آخر لعمري؟
لم يضيع الشرقيين ضعف القوة أكثر مما ضيعهم ضعف البصيرة.
تالله ما أذل الشرق إلا هذا التصوف، وتالله ما يعز الشرق إلا هذا التصوف بعينه، إذا أنتقل عن رجاله إلى رجال المال والحكم والسياسة.
كنت مرة في ضيافة رجل من أهل القرى مع أحد علماء الفقه، وذهبنا مع القروي إلى أرضه وفيها نخلة متهافتة ليس أهون منها على صاحبها. فقال له الفقيه: أحب أن تهب لي هذه النخلة في مغرسها بحدودها الأربعة. قال قد وهبتها لك. قال الفقيه بحدودها الأربعة؟ قال الرجل الطيب: نعم.
فقال له الفقيه: الآن وهبت لي أرضك كلها وخرجت منها شرعاً. . . فهذا فضاء ولا حدود للنخلة إلا آخر ما تملك منه في الجهات الأربع. هكذا يملك دهاةُ الفقه السياسي البلاد