يفكر الدكتور النابغ الأستاذ مشرفة عميد كلية العلوم للجامعة المصرية في إقامة مهرجان لأحياء ذكرى ابن الهيثم في العام المقبل بمناسبة مرور ٩٠٠ عام على وفاته
ولا عجب إذ فكر العميد في هذا، فابن الهيثم من عباقرة العرب الذين نبغوا في الطبيعة والرياضيات والهندسة وقدموا جليل الخدمات لها، ولولاه ما كان علم البصريات (الضوء) على ما هو عليه الآن
ويؤلمني أن أقول إنه لو كان ابن الهيثم من أبناء أمة أوربية لرأيت كيف يكون التقدير وكيف يذاع اسمه وتنشر سيرته على الناس وتدخل في برامج التعليم ليأخذ منها الأجيال إلهاماً وحافزاً يدفعهم إلى الاقتداء به والسير على طريقته
أليس في عدم معرفة ناشئتنا وشبابنا شيئاً عن ابن الهيثم إجحاف وعيب فاضح؟ أليس إهمالا منا أن نعرف عن بطليموس وكيلر وباكون أكثر مما نعرف عن ابن الهيثم؟
ألا يدل هذا على نقص معيب في برامجنا الثقافية القومية؟ ولا يظن القارئ أن ابن الهيثم وحيد في هذا الإجحاف والإهمال فليس حظ أكثر علماء العرب ونوابغهم وعباقرتهم بأحسن من حظه، فها هي ذي حياتهم ومآثرهم لا تزال محاطة بغيوم الغموض وعدم الاعتناء وهي في أشد الحاجة إلى أناس يتعهدون إزالة الغيوم وإظهار المآثر على حقيقتها للناس. ولاشك أن في إظهارها إنصافاً لهم وخدمة للحقيقة، كما أن في عرضها على الناشئة من العوامل التي توجد فيهم الاعتزاز بالقومية والاعتقاد بالقابلية وشعوراً يدفعهم إلى السير على نهج الأجداد في رفع مستوى المدنية. ولا يخفى ما في هذا كله من قوى تدفع الأمة إلى حيث المجد والسؤدد، قوى تمهد السبل لتقوم (الأمة) بواجبها نحو نفسها ونحو الإنسانية فتساهم في بناء الحضارة وإعلاء شأنها
والآن نرجع إلى ابن الهيثم فنقول إنه ظهر في أوائل القرن الخامس للهجرة في البصرة ونزل مصر واستوطنها إلى أن مات سنة ١٠٣٨م. وقد عرف الأقدمون فضله وقدروا نبوغه وعلمه فقال ابن أبي أصيبعة: (وكان ابن الهيثم فاضل النفس قوي الذكاء متفننا في