للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في الاجتماع اللغوي]

اللهجات العامية الحديثة

عوامل تطورها وصفاتها المشتركة

للدكتور علي عبد الواحد وافي

أستاذ الاجتماع بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول

- ٢ -

درسنا في المقال السابق تسع طوائف من العوامل التي أدت إلى انشعاب هذه اللهجات عن العربية الفصحى وإلى تطورها المطرد في نواحي الأصوات والقواعد والدلالة والمفردات. وسنعالج في مقال اليوم بقية هذه العوامل. وتختمه بنظرة في الصفات التي تشترك فيها هذه اللهجات.

١٠ - تناوب الأصوات المتحدة النوع، القريبة المخرج، وحلول بعضها محل بعض. يتبين من ملاحظة ظواهر التطور في مختلف اللغات الإنسانية أن الأصوات المتحدة النوع، القريبة المخرج، تميل بطبعها إلى التناوب وحلول بعضها محل بعض. فكل صوت لين عرضه بطبعه لأن ينحرف إلى صوت لين أخر، وكل صوت ساكن عرضة بطبعة لأن ينحرف إلى صوت ساكن متحد معه في مخرجه أو قريب منه. وقد كان لهذا القانون آثار ذات بال في انشعاب اللهجات العامية عن العربية وفي تطورها من ناحية الأصوات وقواعد الصرف ووزن الكلمات.

(أ) فقد حدث في هذه اللهجات تناوب واسع النطاق بين أصوات المد القصيرة التي يرمز إليها في الرسم العربي بالفتحة والكسرة والضمة. ويمثل هذا التناوب انقلاباً من أهم الانقلابات التي اعتورت اللغة العربية، فقد كان من آثاره أن انحرفت أوزان الكلمات. وانقلبت أشكالها رأساً على عقب، حتى لا نكاد نجد في اللهجات العامية كلمة واحدة بانية على وزنها العربي القديم. فالفتحة قد استبدل بها الضمة أحياناً والكسرة في كثير من الأحوال (فبدلاً من: يَعوم، يَسجد، يَسمع، عَثَر، خَلَص، سَكَت، عنِد، كَبير، أَلكتاب. . . الخ)؛ يقال في عامية المصريين: يُعُوم، يُسجد، يِسمع، عِتِر أو عُتُر، خِلِص أو خُلص،

<<  <  ج:
ص:  >  >>