[نعمة السلم]
للأستاذ عبد اللطيف النشار
أكان خداع النفس للنفس أن أرى ... جميع عباد الله أهلاً وإخوانا
أنعمة سلم تلك أم تلك نقمة ... تَطَامُنُ إنسان يصاحب ذؤبانا
فإن تبؤ الحرب الضروس بشرها ... فيا رب خير جره الشر أحيانا
عرفنا العدى لا بارك الله في العدى ... وحسبك أن تتعاض بالجهل عرفانا
فيا نعمة للحرب باركت أنعماً ... لسلم جدير أن يعمر دنيانا
ودون الرضى أن يسلم الجسم وحده ... إذا المرء لم يسلم ضميراً ووجدانا
نعيم لعمري قد فقدناه إذ غدت ... بقاع الثرى والماء والجو ميدانا
ودونك فلتغرس سياجاً يحوطه ... من الشر إن أنشأت للخير بستانا
نعيم لعمري جلستي بين صبيتي ... أحادث أزهاراً وأنشق ريحانا
وأدني إلى النعمى يقينيَ أنني ... سألقي غداً هذا الجميع كما كانا
فلا سلم حتى يعرف المرء أنه ... يرد إذا ما شاء ختلاً وعدوانا
أيا خضرة الزرع النديَّ تألقي ... لهيباً وكوني يا شجيرات نيرانا
إذا ما عدا عادٍ عليك فإنما ... تعود القوى حسناً عليك وإحسانا
كذلك نعمى السلم يُحمد غهَّا ... تذكُرُها شوقاً إليها وتحنانا
إذا صوح الروض النضير ذممته ... فهلا حمدت الروض إذ كان ريانا
ولولا انصراف النفس عن خُدَع المنى ... لكان نعيماً أن نصادق أعدانا
فتوسيع آفاق المحبة مطلق ... من النفس أحقاداً تسوء وأضغانا
أسفت على الإنسان ليس بقادر ... على الحب إلا أن يعاديَ إنسانا
فقدنا نعيم السلم من طول حرصنا ... عليه وحبَّا أن نوسع دنيانا
متى نستعده نستعده وحكمة ... فنعطيَ كلاً مثلما كان أعطانا
وفي القصد إبقاء على كل نعمة ... فلست بمعطي الود غير الذي صانا
أمِنَّا فساوينا الأحباء بالعدى ... فيا ليتنا ننسى العدو وينسانا
حليفتنا، مدى اليمين وجددّي ... مواثق قد ضمتك أمس وإيانا