للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ليوم الإسراء: يوم فلسطين]

الثورة الفلسطينية ثروة ضخمة للنفس العربية

للأستاذ عبد المنعم خلاف

يا مريقي دمائهم لنا! عقوق ما بعده عقوق أن نقدَّم لكم كِفاءها من المداد الأسود!

وأنا أعلم أنكم في شغل بجمع أشلائكم وآرابكم المبعثرة في الطرقات والجبال والمدن، عن جمع هذه الحروف والألفاظ من الصحف؛ وفي شغل يدوي الرصاص عن هذه الأصوات من بني عمومتكم الذين يكتفون في جهادهم لكم بإنشادها وتزويقها وتزويرها أمام عيونهم العمياء وأسماعهم الصماء. . . فلست أسوقها لكم فأهين قضيتكم وعزائمكم التي تقول لنا: الآن فات أوان الكلام وقصائد التشجيع والإطراء. . . وإنما أسوق هذه الكلمة لأنبه القوالين هنا وفي كل مكان عربي إلى أن من العيب الفاضح والقصور الفاحش أن نصر على ألا ندفع في مقابل هذه الثروة النفسية الضخمة التي قدمها أهل فلسطين للعالم الإسلامي والعربي إلا الألفاظ العاجزة الذليلة، وأن نتلهى بإدارة أحاديث شقائهم، ونقنع لهم بدعاء العجائز. . .

إننا نحصل كل صباح ومساء من ثائري فلسطين - والكل فيها ثائر - على مقتنيات من معاني التضحية والأيمان والبسالة، ما حصلنا عليها من كتاب ولا تاريخ ولا مشهد من مشاهد الدنيا ولا حركة من ثورات الأمم

لقد اشترى الله منهم نفوسهم ثم وزعها على أمثالنا من فقراء النفوس! ففي كل نفس مسلمة وعربية الآن قطعة من نفوس مجاهدي فلسطين، وزعها الله القوي بيده ليعطينا خمائر الإيمان به وبالحق إيمان المجاهد لا إيمان الضعيف المستضعف. ولعل وراء هذه المحنة إرادة خفية للقدر في إيقاظ نفوس العرب والمسلمين وتوجيههم إلى الطريق. . . ولعلها رسالة جديدة من فلسطين أرض الرسالات والنبوات. . .

فالله - له العزة - يقترض من الأغنياء للفقراء، والغنى والفقر على سواء في الأموال والأنفس. . . فلنفهم هذا

ولقد تضخمت الثروة النفسية للعرب والمسلمين من هذا القرض الذي يعقده الله لنا من الشهداء والمجاهدين. وقد كنا نعيش في فقر مدقع من الأمجاد والمفاخر منذ عهد صلاح

<<  <  ج:
ص:  >  >>