سألتني يوم لقيتك بوزارة المعارف في صباح اليوم الثامن من هذا الشهر عن سبب اهتمامي بالحديث عن الحب، وقد جرى ذكر كتاب (ليلى المريضة في العراق)، وكانت الابتسامة التي شع ضوءها في ملامح وجهك، تحمل معنى التعجب من أن تسمح الدنيا بأن أعيش بقلب المحب المتيم المتبول!
فأجبتك بأن شواغلي في الحياة قد تجعل الحب آخر ما يشغل قلبي. ولكن حديثي عن الحب صار مذهباً أدبياً أشرح به ما يتعرض له الناس في ميادين النوازع والأهواء، وأنا أريد أن اخلق جواً من البشاشة أدفع به ظلمات الزمان!
فابتسمت ابتسامة لها معنى وقلت: اخلق البشاشة في الزمن أن استطعت!
ثم خضنا بعد ذلك في شجون من الأحاديث سأرجع إليها بالتدوين بعد حي. . .
ويهمني اليوم أن أشرح ما كان يجب أن أقول في جواب سؤالك لو رأيتك منشرح الصدر لا تشكو تدخل بعض الناس في شؤون قد يجهلونها كل الجهل، أو يتحمسون لها بعقيدة مدخولة وإيمان مصنوع.
ونحن لم نبتكر الكلام عن الحب، فهو عاطفة عرفتها الأرواح منذ أقدم عهود الوجود. وما قيمة الدنيا إذا خلت من الحب؟ ولأي غرض يحيا الناس إذا أصيبت أفئدتهم بالاعتلال فلم تحس ذلك الروح اللطيف؟
وهل ينصرف القلب عن الحب وهو في عافية؟
إن المتوقرين والمتزمتين يتوهمون انهم وجدوا الحجج الدوامغ حين استطاعوا أن يقولوا: أن الدنيا في حرب، وان الظروف لا تسمح بالحديث عن الحب!
وأقول: إن ما هتفوا به لم يصدر إلا عن صدور مراض، فالحب لا يغزو إلا قلوب الأصحاء، وهو يساور قلوب الجنود في أصعب أوقات الحروب. وهل كان عنترة بن شداد ماجناً حين قال: