ليس بين المثقفين من لا يعتبر أوليفر لودج من أئمة علماء العصر، كما لا يوجد من بين هؤلاء من لم يقرأ شيئاً له أو عنه. وإذا أراد أحد المؤرخين أن يسجل في قائمة أعظم عظماء التاريخ من الناحية العلمية، فإنه يضع اسم أوليفر لودج بين هذه الأسماء إن لم يضعه في مقدمتهم.
أنظر إلى حقل من الحقول وسر بنظرك إلى شجيراته التي غرست في وقت واحد وتعهدها الفلاح بالري في فترة واحدة، تر من بينها شجيرة تبز غيرها وترتفع عنها، مع أن البذور واحدة والعوامل الباقية مشتركة. وكذلك كان الحال منذ بدأ القرن العشرون، فظهر في الأفق العلمي كثيرون كان من أبرزهم أوليفر لودج الذي حلق في سماء الفكر تحليقاً عجيباً ووصل إلى نتائج من أبهر وأسمى ما يمكن الوصول إليه.
لم يكن أوليفر لودج موسيقياً، ولكنه كان يستمع إلى موسيقى الخلود؛ فيتخذ من هرمونيتها قواعد وأصولاً يجعلها أساس بحوثه في اللانهاية وفي علاقة الشموس والسيارات والكواكب بعضها ببعض، وكما يحافظ الموسيقي العبقري من أمثال بيتهوفن وفاجنر على الانسجام والاتزان والارتباط الفائق في مقطوعاته، كان أوليفر لودج يتخذ القاعدة البسيطة إلى المبادئ المركبة، وينتهي بالنتائج المحدودة إلى ما هو غير محدود.
وإذا كان العلم رهيناً بالبيئة والاستعداد المولود مع الموهوبين فإن المصادفة قد لعبت دوراً هاماً في توجيه أوليفر لودج إلى العلم.
كان الفضل في توجيهه لمجلة قديمة اسمها:(الميكانيكي القديم) تناولها صدفة فأثارت كامن استعداده، ولم يكن فقر أبيه ليحول بينه وبين العلم؛ فدرس وحفظ وأتقن وتفنن وتعلم وعلم من أجل الاستمرار في الدرس.
ولد أوليفر لودج يوم ١٢ يونيو سنة ١٨٥١ في بيكنهال بمقاطعة ستافورد بإنجلترا من