تبوك. إشاعاتهم السيئة عن جيوش المؤمنين. إمهال النبي لهم
عسى الله أن يتوب عليهم. عاقبة المصرين.
وقف المنافقون من حروب النبي موقف المُخذِّل المثبِّط، الجبان الرعديد، الناقض لما عاهد الله عليه، الطامع في المغنم، المقصر عن نصرة الدين. ولقد كان شرهم مستطيراً حقاً. لأن المؤمنين كانوا يركنون إليهم، ويعدونهم من أنصارهم، فإذا الشر أبدى ناجذيه للمؤمنين قعد هؤلاء عن نصرتهم، وشمتوا عند هزيمتهم، وقبضوا أيديهم عن إعانتهم، واعتلوا لذلك بعلل سخيفة مزيفة فَنَصَّ الله على أنها كاذبة، وبين أنهم دعاة الهزيمة، وأنصار العدو، بل زاد على ذلك فاعتبرهم عدواً وقال للرسول فيهم وفي جبنهم (يحسبون كل صيحة عليهم، هم العدو فاحذرهم، قاتلهم الله أنى يؤفكون.)
وأي طابور خامس أشد خطراً من المنافقين الذين أحسن المسلمون عشرتهم، وأتمنوهم على أسرارهم وأخلصوهم الود، واتخذوهم بطانة، وأمنوا جانبهم، ولم يحسبوا حساباً لخيانتهم وغدرهم، ولم يضعوا خطة لتوقي شرورهم، فاستعانوا بذلك على إيذائهم، وإنزال الضر بهم، وطعنهم وقت الحرج والانتقاض عليهم عند المحن والشدائد؟
وفي قصصهم يوم أحد، وفي وقعة الأحزاب وتبوك ما يبرهن على أنهم كانوا أَضرَّ على المؤمنين من العدو الخارجي، وأنهم خانوا الله والرسول، ونقضوا الأيمان، رغبة في إبادة المؤمنين، وطمعاً في إزاحة الدين الجديد من بلادهم.
لما انهزم المشركون ببدر فكروا في الثأر من المسلمين، وفي السنة الثالثة للهجرة خرج أبو