للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[العيد الفضي لجامعة فؤاد:]

كيف نشأت أول جامعة في مصر

للأستاذ سيد محمد كيلاني

إن فكرة إنشاء جامعة في مصر فكرة قديمة اختمرت في رؤوس بعض المفكرين المصريين. وقد كان يعقوب باشا أرتين أحد وكلاء وزارة المعارف السابقين أول من تناول هذا الموضوع وكتب فيه. ففي سنة ١٨٩٤ أخرج كتاباً عنوانه (القول التام في التعليم العام) ومما جاء فيه قوله (. . . ومتى وقع الإقرار على هذا التعديل ألمحتم وتم إخراجه من عالم القول إلى عالم الفعل وأصبحت مدارسنا العالية مؤسسة على أسلوب منتظم وقائمة على قواعد متينة يقضي بها العقل، حينئذ تتجه الرغبات إلى ضمها كلها (المدارس العالية) بعضها إلى بعض وجعلها مدرسة كلية جامعة. وبما أن العناصر اللازمة لإنشاء هذه المدرسة الكلية تكاد تكون متوافرة لدينا بتمامها فعندما نتمكن من الحصول على الأساتذة القديرين على التدريس في هذه المدرسة الكلية يكون من السهل وصولهم إلى درجة الاستعداد والكمال، فتكتسب البلاد فوائد عظمى من حيث تقدم العلوم والآداب والفلسفة النظرية والعملية وما يحدث من السنن والتقاليد وبما يظهر من روح الموالاة في العمل وبالمزاحمة والمسابقة اللتين تتولدان بالطبع بين مدرستنا الكلية ونظائرها الأخرى.).

غير أن سياسة المحتلين كانت ترمي إلى حرمان المصريين من كل تقدم أو رقي، فكان المستشار المالي من ناحية ومستشار المعارف (دنلوب) من ناحية أخرى ينفذان بكل دقة وأمانة الأوامر الإنجليزية الاستعمارية القاضية بالحيلولة بين الشعب المصري وبين التعلم حتى يعيش جاهلاً فيسهل عليهم قياده ويهون إذلاله واستعباده.

ولما نشأ الحزب الوطني وكثرت الصحف أخذت الأصوات ترتفع من كل جانب مستنكرة سياسة المحتلين التي حرمت الأمة من نور العلم. وكانت حملات الكتاب والشعراء في ذلك عنيفة قاسية. ولكن المحتلين لم يغيروا خطتهم المرسومة فرأينا المستشار المالي يكتب في تقريره الذي أصدره سنة ١٩٠٤ ما نصه (إن الحكومة لا تملك المال للإنفاق على تعليم الأمة وإنما هي تعلم في مدارسها العدد الذي تحتاج إليه في وضائفها فقط).

وفي سنة ١٩٠٥ ظهرت في الصحف فكرة إنشاء جامعة مصرية؛ وأخذ الكتاب يحررون

<<  <  ج:
ص:  >  >>