للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الشعر

للأسباني أنطونيو دي ثروبيا

للأستاذ م. أمين (البندقي)

لصاحبي يوسف أرض غير واسعة، فيلا فيتزبوزا بناحية من نواحي أيدونا، فهو يقضي فيها من زمان الربيع أياماً، ومن الصيف أياماً، ويصب جهده على الزرع، يحدو به شديد الميل أكثر مما تحدو به الحاجة.

وقد جرى على حنة امرأة يوسف، وهي أفضل الأزواج والأمهات شيء كالذي جرى على شخص من الشخوص في قصة من القصص المسرحي طوى الحياة كلها وهو يمثل، وما أحس قط أن له على التمثيل قدرة رائعة، قل أن يكون لها شبيه. ذلك أن حنة كانت مدى العمر شاعرة، وهي لا تعلم، بينا الكثيرات غيرها قد لبسن لبوس الشعر وليس بينهن وبين الشعر أوهى سبب.

كان النهار قد انتصف بيوم أضوء من أيام يوناو صاف أغر حين بلغت إلى بيت صاحبي يوسف. وإذ رآني ليون كلبه وكان هو الأخر من صحبي بادر إلى يلقاني وأنا مازلت على مبعدة من الدار، وراح يحييني بالوثب واللعب. ومالت شجرة من أشجار الكريز كانت تراءى على حائط البستان تستهوي بأثمارها قلوب الصغار، فضربتني على قبعتي حتى أذكر أنها هناك قد أطلت. . ولما أن صعدت السلم بدا لي أني سمعت قراءة، إلا أن خطاي قد جعلتها تنقطع.

وكانت ثم حجرة رائعة الجمال يهبط منها الهابط إلى البستان على سلم صغير من الخشب، فوقه كرمة مصفوفة تلقى عليها الظلال،

وقد ضمت الحجرة حنة ومريم وليجني ويبينو معاً. وكانت حنة عندئذ تخيط ثوباً. وكانت مريم وهي صبية في الخامسة عشر وجهها الوضاح تمنيت لو أراه أمامي في كل نائبة، وقد أمسكت بكتاب أغلقته قليلاً وأما لو يجي وبيينو، وهما طفلان بين الرابعة والسادسة، فقد كانا يعالجان رأس تمثال من الطباشير ليفصلاه عن سائر الجسد.

ورآني الطفلان فبادرا إلى لقائي، وسألتهما أكانا من الطيبين الهادئين؟ فكان جوابهما أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>