للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[على الخبير سقطت]

للأستاذ قسطاكي بك الحمصي

أطلعني بعض الأصحاب الأفاضل على العدد ٢٧٧ من مجلة الرسالة الوضيئة، وقد رأوا فيها اسم هذا العاجز مذكوراً في مقالة على كتاب المبشرين جاء في حاشية منها استشهادي بأخلاق ونزائع الأخ الحبيب بل أستاذي الجليل الشيخ إبراهيم اليازجي رحمه الله فلم أر بداً من إجابة طلب الأستاذ العلامة صاحب المقالة، وقد دلني قوله على يقين حضرته بما كان بين الإمام وبيني من متين الود والإخلاص ومستسر الأحاديث واتصال المكاتبة مدة ربع قرن أو تزيد

ولقد أورد حضرة الصديق الفاضل صاحب الرد على المفترين ما نشره في الضياء الإمام اليازجي رداً على صديقه وصديقي الإمام صاحب المنار - طاب ذكرهما - ما فيه بلاغ

على أني وفاء بعهدي عند الوداع الأخير لذلك الإمام الجليل بترديدي قول الشريف:

لا دَرَّ دَرِّى إن مطلتك ذمة ... في باطن متغيب أو بادي

وكرامة لتحقيق بغية هذا الأستاذ الجليل أشفع الحجة بالحجة فأقول:

إن الشيخ اليازجي لفرط شغفه بلغته العربية كان منصرفاً عن جميع الملاذ الدنيوية لا يطرب لشيء كطربه لأحاديث اللغة والفنون، وقد جذبه ذلك الشغف إلى إجلال القرآن واحترامه إجلالاً واحتراماً لا يفوقه فيهما أكابر أئمة المسلمين، لأنه هو عماد اللغة العربية وركنها الشديد، وهي التي أفنى أيام حياته كلها في حبها. وكان رحمه الله يقول: لولا القرآن لماتت اللغة العربية، وبموتها تنقرض الأمة العربية وتتداخل في أصول جيرانها الأقوياء والعياذ بالله. وقال لي يوماً في عرض الحديث عن الطاعنين في لغة القرآن كلاماً أذكر معناه وإن تبدلت الألفاظ:

من المعلوم أن القرآن أنزل لدعوة قوم إلى عبادة الله والإيمان برسالة محمد، وكانوا هم وكثير غيرهم من قبائل العرب عباد أصنام، وهم أهل لغاتها، ولم يكن لهم يومئذ كتب لغة وقواعد نحو وصرف، ولا يعرفون من ذلك سوى أشعارهم وأحاديثهم وما يرونه من أقوال خطابائهم وفصحائهم، فلو رأوا في لغة القرآن عوجاً أو أمتاً ومحمد يتحداهم بفصاحة لغة كتابه وفيه: (قل لئن اجتمعت الأنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله

<<  <  ج:
ص:  >  >>