للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تعليقات وتعقيبات]

للأستاذ عباس محمود العقاد

من تعقيبات القراء الأدباء على مقالي في (ابن الرومي) كلمة كتبها الأديب (أبن درويش) في (الرسالة) يقول فيها موجها الخطاب إلى:

(نال مني الدهش لتعصبك لهذا الشاعر، ولعل هذا راجع إلى أن الأستاذ قد صاحب (ابن الرومي) أكثر مما كان ينبغي لمصاحبته. لهذا كان طبيعياً أن يخلع عليه أستاذنا الجليل لقب (شاعر العالم) غير منازع، أن يقول أن شعره ليس فيه مغمز لغامز، وأن إحساسه مرهف غاية الإرهاف، وتصويره آية في الإبداع. فما رأي سيدي الأستاذ بيتين مشهورين

(لابن الرومي) قالهما في روض سقته السحب أو أرضعته فأنبت ألفي رضيع من بني النضر حيث قال:

سقته ثُدِيُّ السحب من مرضعاتها ... أفانين مما لم تقطره مرضع

كألفي رضيع من بني النضر ضُمنوا ... محاسن هذا الكون، والكون أجمع

فأي تصوير هذا يا أستاذي العزيز؟ وأي استيعاب فني فيه. . . ألخ)

والأسئلة فيما نرى ضربان: سؤال يوجهه صاحبه وقد أجتهد في أن يعرف غرض الكتاب فهما سائران في طريق واحد. وسؤال يوجهه صاحبه وكأنه أجتهد في نقيض ذلك، ونقيض ذلك هو ألا يعرف غرض الكتاب وأن يتخذ له وجهة غير وجهته وطريقاً غير طريقته، فما مفترقان لا يتقاربان.

واحسب أن الأديب الذي وجه إلى ذلك السؤال لم يجتهد في معرفة غرضي بمقدار اجتهاده في الحيدة عنه، فقوّلني ما لم أقل، واعترض بعد ذلك في غير موجب للاعتراض.

فأنا لم أقل أن ابن الرومي شاعر العالم منازعاً أو غير منازع، وإنما قلت أنه شاعر (له عالم)، وفسرت ذلك بأنه قد نظر على طريقته إلى العالم كله فجاءت له في شعره صورة فنية كاملة. وذكرت له نظراء في تصوير العالم على طرق مختلفات كالمتنبي الذي نرى في شعره صورة للعالم من الوجهة العملية، والمعري الذي نرى في شعره صورة للعالم من الوجهة الفكرية، وغيرهما بين شعراء الشرق والغرب كثيرون.

وقد ينفرد ابن الرومي بمزية لم يسبقه فيها سابق من الشعراء الأقدمين والمحدثين فلا يكون

<<  <  ج:
ص:  >  >>