للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من وراء المنظار]

القران في شارع فؤاد!. .

إن عجبت من هذا الذي يطالعك به العنوان فأني أزيدك عجباً إذ أضيف إليه أن ذلك كان في نحو الساعة العاشرة من مساء يوم الأحد! حيث يمتلئ هذا الشارع وما تفرع منه بطلاب اللهو من الأجانب والمصريين في عطلة الأسبوع. . .

انعطفت وصديقيَّ من شارع عماد الدين إلى شارع فؤاد فإذا بميكروفون عظيم يملأ الشارع كله بكلام الله في صوت كان على شدة علوه من أحلى الأصوات وأبعثها للطرب.

وعجبت وعجب صاحباي وقلنا ما هذا؟ إنه والله للقرآن! ونظرنا فإذا متجر جديد جميل تزين الأنوار المتوهجة المتلألئة واجهته وجوانبه، ومنه ينبعث هذا الصوت القوي الساحر بقول الله سبحانه (والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها. . .)

وأسرعنا الخطى صوب النور الذي نرى، والنور الذي استشعرته نفوسنا فيما يشرق في السمع من كلام الله؛ ووجدنا أنفسنا وسط أصناف من خلق الله يذهب البصر فيهم هنا وهناك وهم حائمون على هذا النور كالفراش يقعون عليه من كل صوب وأرواحهم مستشرفة إلى هذا الصوت الجميل القوي يسترسل في تنغيمه وتطريبه، وآذانهم مرهفة وقلوبهم خاشعة وكأن عليهم الطير مما سكنوا؛ وما أن يقف صاحب هذا اللحن العلوي عند قول الله (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) حتى تنبعث بالتصفيق أكفهم وتنطلق بعبارات الاستحسان حناجرهم.

وأجلت منظاري في الجمع المحتشد فإذا به خلق من كل طبقة ومنم كل نمط ففيه المقبعون والمقبعات والمعممون والمطربشون وفيه العلية يقفون إلى جوار سياراتهم الفخمة، وفيه المتواضعون مثلي من عباد الله ممن يدبون على أقدامهم، وفيه عدد من العمال والخدم والحوذية وسائقي سيارات الأجرة وغيرهم بيض وسود من كل سن وفي كل زي وفيه المسلمون وفيه لا ريب النصارى واليهود والجميع ينصتون إلى الشيخ مصطفى إسماعيل يتلو آيات الله وينظرون إلى اسم الطرابيشي المصري تلألئه الأنوار القوية على واجهة متجره الجميل الجديد. . .

وامتلأ طوار الشارع حتى لم يبق فيه موضع، وغص الشارع نفسه بالسيارات والعربات

<<  <  ج:
ص:  >  >>