للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة النقد]

موسى كليم الله

لفضيلة الأستاذ الشيخ عبد الحميد مطاوع المدرس بالأزهر

قصة سيدنا موسى، عليه السلام، معروفة إجمالاً وتفصيلاً للخاصة وللعامة من اليهود والمسيحيين والمسلمين شرقاً وغرباً؛ لأنه نبي معترف بنبوته في الديانات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام، وهو أظهر أنبياء العهد القديم؛ شأناً وسيرة، وقد تحدث بسيرته (القرآن الكريم) في مواضع عدة حسب مناسبات مختلفة لم يتحدثه بأحد غيره من الرسل والأنبياء. وكذلك الأحاديث النبوية، وتبعتها أحاديث الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الإخباريين والقصاص والمؤرخين والمفسرين.

من أجل ذلك كانت الكتابة المفصلة في هذا الموضوع عرضة لخطر التكرار المملول الذي تضيق به الأسماع والقلوب، وكان تلمس الجدة عند محاولة الكتابة فيه أمراً بالغ الخطر واجب الرعاية. وما الجدة المراد تلمسها أمراً متعذراً ولا متعسراً على راغبيها المقتدرين، وهي ألزم ما تكون لمن يخاطبون بكتاباتهم الخاصة لا العامة كمؤلف هذا الكتاب.

ونقرأ هذا الكتاب فنجده خالياً كل الخلو من الجدة، فهو تأليف بكل معنى هذا اللفظ في أصله اللغوي العام وهو (الجمع): الجمع لمعلومات أغلبها تافه ملفق وأغلبها جليل صحيح، فكثيره احتطاب ليل وقليله اجتناء لا حيلة فيه ولا مناص منه، لأن المعول عليه في القرآن الكريم. ولم يحاول المؤلف الخروج عن الجمع الساذج إلى شيء إلا الوعظ الرخيص وتلمس العبر التافهة بأسلوب معوج، فنحو ثلثي الكتاب عظات واستنتاجات (خطابية) ونحو ثلثه تاريخ مجموع على النحو الساذج الذي أشرنا إليه لم يعن فيه جامعه بما يعني به المؤرخون على اختلاف مناهجهم وكفاءاتهم وأمزجتهم وأهدافهم.

فهو كتاب وعظ لا تاريخ مع أن صاحبه يتظاهر فيه بأنه مؤرخ لا واعظ، وهو في حديثه يسوق الكلام إلى ما يقبل العقل والذوق وما لا يقبلان. ترصد الصيد عظة رخيصة أو افتعالها. وتكاد تتكرر في كل صفحة (قيل) و (قال) ولا شيء بعدهما عدا العظات، ولو تأدى تصديق القيل والقال إلى التعرض في المحال والتطوح مع الخيال إلى أبعد حدود الضلال.

<<  <  ج:
ص:  >  >>