للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الفروق السيكلوجية بين الأجناس]

للأستاذ عبد العزيز عبد المجيد

تمهيد

قصدت بهذا التمهيد أن أقدم عجالة عامة عن مشكلة الأجناس البشرية والمفاضلة بينها، وألا أتعرض للبحوث العلمية التي أجريت منذ أواخر القرن الماضي لمعرفة الفروق بين الأجناس. وقصدت أيضاً أن أجعل موضوع اليوم ذا صبغة تاريخية اجتماعية حتى أريح القارئ قليلاً من مطالعة الحقائق العلمية الجافة، ولكنني إن أعفيته هذا الأسبوع من عرض الحقائق العلمية التجريبية فلن أعفيه منها في الأسابيع القادمة

ومشكلة الفروق الجنسية مشكلة قديمة كقدم آدم. لا بل إنها تبدأ به، وبالخلاف بينه وبين إبليس اللعين، فإنه لم يتحرج من إعلان احتقاره للجنس البشري حين أبى أن يسجد لآدم كأمر ربه. فقال الله تعالى: (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي؟ أستكبرت أم كنت من العالين؟ قال: أنا خير منه، خلقتني من نار وخلقته من طين) ومن هذا اليوم ظهر الخلاف بين الجنس الناري والجنس الطيني، وهو خلاف جر مصائب على إبليس ومن تبعه، وعلى آدم وذريته من بعده، ولا يزال مثل هذا الخلاف الجنسي مبعث المحن بين بني آدم أنفسهم

ثم هبط آدم إلى الأرض وتفرق أبناؤه شعوباً وقبائل، واختلفت ألسنتهم وألوانهم، وبعدت صلتهم بأبيهم الأول، فتنافسوا وتحاسدوا، ووقعت بينهم العداوة والبغضاء، وذهب كل شعب يُدِلُّ بعَدده وعُدده، وحضارته وثقافته، ويفخر على الشعب الآخر، ويعيره قلة العدد وتأخر الحضارة. وكان ما كان مما حفظه لنا التاريخ والكتب المقدسة وما لم يحفظ

أقام بنو إسرائيل في مصر القديمة، وفلحوا الأرض، ورفعوا البنيان، وكثر عددهم، وقوى ساعدهم، وأصبحوا ذوي نفوذ وسلطان. فخشيهم فرعون ومن معه، ونظروا لهم شزراً واحتقاراً (واستعبد المصريون بني إسرائيل بعنف، ومرروا حياتهم بقسوة، واستعبدوهم واستخدموهم في الطين والّلِبن، وفي كل عمل في الحقل. وكان كل عمل عملوه بتأثير

<<  <  ج:
ص:  >  >>