موضوعاتك يا سيدي صفقات رابحة في عالم الأدب، ونفحات عاطرة من أريج القلم. ومن أنا حتى أستطيع أن أقول ما يعن لي تلقاءها؟ وا أسفاه! لست ربة قلم، ولا صاحبة بيان، وليس لي من الحول والطول ما يعينني على نشر ما يجول بفكري وخاطري.
بعثت بمقال مرة رداً على أحد الكتاب إلى إحدى المجلات، فكان نصيبه الإهمال. وكم فرحت كثيراً لأنه لم ينشر، ذلك أني بعد أن بعثت به تذكرت:(أن الله تعالى يحب معالي الأمور ويكره سفسافها). فإما أن أكتب في (الرسالة) بين كتاب الأدب الرفيع وإلا فلا.
ولو أن الله وهبني من العقل كفاء ما وهبني من الحس لكان لي في ميدان الكتابة شأن. ولقد شاء الله أن أتذوق فنون الكلام وحلاوة البيان، و (للرسالة) فضل كبير في هذا التذوق، فقد عكفت على قراءتها بانتظام منذ أكثر من عام، وعشت بنفسي وحسي مع كتابها العظام، أحمل لهم من التقدير والاحترام ما لا ينضوي تحت صفة ولا معرفة، وأنت يا سيدي الطنطاوي من هؤلاء، فلو رأيتني حين أقرأ مقالاتك، لوجدتني صوالة بها جوالة في عالمي الصغير باحثة عن زميلة تشاركني السرور في تلاوتها، خصوصاً، وأنك من قطر شقيق لي فيه صديقات تتجلى في سجاياهن أرفع آيات المودة والإخلاص والنبل.
وأني أخشى أن أثيرك بهذه العجالة فيصيبني من يراعك ما لا أنساه ما عشت.
إن استهلالك في موضوعك (مناظرة هادئة) بقولك: (نحن معشر الرجعيين لا نرى قتال المرأة ولا نزالها) هو الذي شجعني على أن أقف أمام مقامك الكريم موقف التلميذ من معلمه - ويحي!! وهل لمثلي أن تطمع في هذا الشرف؟.
لو كنت من قريباتك. . . مالي أقول هذا والمسلم أخ للمسلمة وهي أخت له. إذن لي - بهذه الأخوة - عليك دالّة خفية مشفوعة بالأدب والطواعية، وعلى ذلك أتقدم إليك قائلة: أن موضوعاتك كلها تأخذ بمجامع قلبي، وتغذي روحي ولبي، وكلها من صميم الواقع الملموس، غير أن بعضها موشي بقليل من المغالاة والحدة، وأن الموضوع الذي عنونته (مناظرة هادئة) كان أقمن أن تسميه (مناظرة ثائرة). ألست معي في أن لفظ مناظرة فيه معنى النظير، وهذا لا يتفق مع ما بدأت به مقالك. يعلم الله أني تلوت هذه المناظرة بشغف،