(أيتها الشريعة الجميلة! أنت ستعيشين طويلا معصومة من كل خطأ، وإذا هاجمنا الضلال نعوج إليك ونجد الحقيقة تحت ردائك، ويدك وحدها تقودنا إلى شاطئ السلام)
(ليوباردي)
- ١ -
في نفس (ليوباردي) سكن الألم الممض والشك العنيف متجاورين. فجعلا منه - في العمر الذي يبسم فيه كل شيء - شاعراً يحمل للناس مقاطع الأحزان، ونفاثات الأشجان.
قضى أيامه الأولى يساوره الداء من ناحية، والدرس والاعتزال ينهكان قواه من ناحية ثانية، على أن الدرس برغم متاعبه كان ينفخ فيه روح النشاط فيهب، ويحى أهواءه النائمة فتحيا.
كان لوالده الكونت (مونالدو) شغف بالأدب، يعوج إلى مجالسه وندواته، وقد بعثه شغفه هذا على أن يغرس في ولده هذه الروح، وأن يسهل له إدراكه. فكان أدبه الأول أدب إيمان وتقوى، يتعصب لهذا الأدب، ويحله من صدره أسمى مكان، ويحسب من لا يؤمن به جاهلا، وهو القائل في ساعات شكه وجموده (أيتها الشريعة، انك ستعيشين طويلاً معصومة من كل خطأ، وإذا هاجمنا الضلال نعوج اليك، ونجد الحقيقة تحت ردائك، ويفر الضلال فرار الذئب من الراعي، ويدك وحدها تقودنا إلى السلام)
- ٢ -
كان الدافع الأول إلى شك (ليوباردي) هو سأمه من كل شيء في بلده، قال في إحدى