في العدد (٧٧٨) من مجلة الرسالة الغراء يقول الأستاذ محمود رزق سليم: (وقال ابن الوردي في لاميته المشهورة.
واهجر الخمر إن كنت (فتى) ... كيف يسعى في جنون من عقل
وشاهدنا في عبارة (إن كنت فتى) وهي ترادف الاستعمال الشائع الآن وهو (إن كنت جدع) أي إن كنت شهما. وبدهي إن معنى فتى لا يفيد لغة معنى شهم) وقد دفعتني كلمة الكاتب الفاضل إلى تحقيق معنى فتى وفتوة. إذ قد أصبح لكلمة الفتوة في العراق أهمية خاصة، وقد تردد صداها في تاريخنا السياسي والحربي القريب بعد أن جعلها مسيرو وزارة المعارف اسما لنظام تربوي يستهدف بعث جيل قوي في جسمه ومبادئه يدربونه على الحياة العسكرية ويعلمونه الرماية واستعمال الأسلحة الخفيفة. وعاد أسم الفتوة مرادفا للفروسية والشهامة والنبل والعزة القومية؛ غير أني أجد من الغريب إدعاء بعض الأدباء وعلماء اللغة أن استعمال كلمة (الفتى) بمعنى الرجل الشهم النبيل المتحلي بفضائل الرجولة - هو استعمال مولد؛ وهذا هو طرفة بن العبد يقول في معلقته
إذا القوم قالوا من (فتى) خلت أنني ... عنيت فلم أكل ولم أتبلد
قال الزوزاني في (شرح المعلقات) يقول: إذا القوم قالوا من فتى يكفى مهما أو يدفع شرا خلت أنني المراد بقولهم فلم أكسل في كفاية المهم ودفع الشر ولم أتبلد (أي أتردد متحيراً) فيهما. وعنيت من قولهم عني يعني عنيا بمعنى أراد وقال طرفة.
على موطن يخشى (الفتى) عنده الردى ... متى تعترك فيه الفرائص ترعد
قال الرزوزني يقول حسبت في موضع من الحرب يخضي الكريم هناك الهلاك، ومتى تعترك الفرائص فيه أرعدت من فرط الفزع وهو المقام. وقال أيضا فيها.
ولولا ثلاث هن من عيشة (الفتى) ... وجدك لم أحفل متى قام عودي
فمنهن سبق العاذلات بشربة ... كميت متى ماتعل بالماء تزيد
وكرى إذا نادى المضاف مجنباً ... كسيد الغضا نبهته المتورد
وتقصير يوم الدجن والدجن معجب ... ببهكنة تحت الخباء المعمد