والآن وقد كشفنا عن الضعف الخلقي الذي تفشي في شبابنا بسبب إهمال المدرسة للناحية الخلقية نرى لزاماً علينا أن نرسم للمدرسة خطتها التي نعتقد أنها إذا سارت عليها أمكنها أن تصلح من شأن أبنائها. ولسنا ندعي العصمة من الخطأ في ذلك ولكن هذه الخطة هي التي هدانا إليها اجتهادنا وتفكيرنا.
فعلى المدرسة أن تخصص مدرساً لكل عدد من التلاميذ لا يزيدون على العشرين يراقبهم ويدرس أحوالهم، ويكون لكل واحد منهم سجل خاص يدون فيه جميع المعلومات الصحية والخلقية والعلمية المتعلقة به وتحتفظ المدرسة بهذا السجل منذ بداية التحاق التلميذ بها. وعلى هذا المدرس أن يكون مركز الاتصال بين مدرسي هذا التلميذ الآخرين وإدارة المدرسة من جهة، وبين ذويه وأهله من جهة أخرى ليتعرف كل شيء عنه، وليباحثهم جميعاً في أمره وفي تنظيم حياته وفي ترقية حاله وفي إصلاح معوجه كلما لوحظ فيه انحراف عن الصراط المستقيم. وإنا نرى أن التعاون في ذلك بين المدرسة والمنزل من المسائل الجوهرية التي تقس التلميذ شر الشطط والانحراف عن جادة الحق بما يفرض عليه من رقابة شديدة ساهرة تقدم له المساعدة التي يتطلبها، وتبذل لذويه الإرشاد اللازم لصون صحته وأخلاقه، وتشرف على تنظيم أوقات فراغه وسيره في سبيل التقدم المطرد والنجاح المضمون، فيسير نحو الرجولة المنشودة. وهو فوق ذلك أمر يلزم ذويه بالعناية به والاهتمام الدائم بأمره وملاحظته والسهر على تقويمه. وبالرغم مما يلقيه هذا الواجب الجديد الثقيل على المدرس من عبء ومجهود متعب فانه يخفف عن المدرسة كثيراً من أعبائها وإجراءاتها الصورية المتعبة غير المثمرة التي تقوم بها مثلاً في حالة تغيب التلميذ أو مرضه أو تأخره أو تأديبه الخ. .
وفوق هذا فأننا نعلم أن كثيراً من التلاميذ الذين يتعلمون بالمدارس الابتدائية والثانوية يضطرون بحكم بعد المدرسة عن منازلهم أن يقطنوا وحدهم في مساكن كثيراً ما تكون قذرة وغير لائقة لعدم وجود من يعني بأمرهم. وليس هناك من يشرف على أحوالهم المعيشية،