لقد حان أن نتكلم نحن أيضاً عن الحياة الأدبية في بلادنا، فـ (الرسالة) سائرة تتحدث عن الأدب في الأقطار العربية، التي - وإن بددتها الأطماع السياسية - ستظل تجمعها لغة الضاد إلى ما شاء الله. ونعني بالمغرب المغرب الأقصى، وبالأدب الأدب الحديث؛ أما الأدب القديم فنود أن نرجع إليه في مناسبة أخرى لما شاع في المشرق من أن المغرب قطر لم يساهم في الأدب العربي، وتلك حقيقة اكتشفها مؤلفا كتاب:(المطرب في تاريخ الأندلس والمغرب) محمد عجاج، وعلي سعد؛ ومصدر ذلك هو الجهل بالمغرب وتاريخه. والمؤلفان معذوران - إلى حد ما - لأن تاريخ المغرب - الأدبي منه بنوع خاص - لا يزال في ظلمات المكاتب، إلا قليلاً؛ على أن هذا القليل نفسه لا يسمح لنا أن نحكم بأن المغرب ليس له أدب قديم؛ وما نريد أن نزيدهما على ما كتب في هذا الموضوع أستاذنا محمد علال الفاسي (المغرب الجديد - عدد ٣ - السنة الأولى)
وبعد، فما هي حالة الأدب العربي بالمغرب اليوم؟ لقد أجهدت نفسي في أن أصل إلى جواب أطمئن إليه عن هذا السؤال، فما وجدت الحقيقة إلا في أنها حالة ضعيفة؛ فما هي الكتب الأدبية - بالمعنى الصحيح - التي يصدرها المغرب؟. . . . . أعفني بربك أيها القارئ، فالحقيقة مرة، وقلبي يضطرب عند ذكرها اضطراباً
وإذ عدمنا الكتب فلنتساءل عن الصحف. إن كل ما يصدره المغرب مجلتان أدبيتان: الأولى (مجلة المغرب) للأستاذ محمد الصالح ميسة برباط الفتح، والثانية (المغرب الجديد) للأستاذ محمد المكي الناصري بتطوان، اجتازت الأولى مرحلة أربع سنوات، والثانية أتمت سنتها الأولى منذ قريب. فما قيمة ما تنشر هاتان المجلتان؟ ذلك ما نريد أن نتحدث عنه الآن باختصار
فأولاً يجب أن تعلم أن المجلات المصرية - يا للمجلات المصرية! - طغت عليهما إلى درجة أن إحداهما لا تباع في فاس، لأنها فقدت المشتري بالمرة وهما معاً تصدران شهرياً، فلننظر الآن ما في هاته المجموعات
أما ما يسمى بالبحث الأدبي ففيها الكثير، خصوصاً حول الأدب العربي في المغرب قديماً،