للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إلى الأستاذ المازني]

من الأستاذ محمود تيمور

سيدي الأستاذ الأجل:

أشرت إليّ في حديثك الطريف المنشور بالعدد ٢٠٠ من الرسالة الغراء، إشارة تنطوي على دعابة من دعاباتك اللطيفة التي تعودنا أن نسمعها منك. فقد ذكرت أنك كنت مدعوا إلى مأدبة عشاء، واتفق أن أجلسوك بجانب سيدة (وقور) ظنتك إياي. فانطلقت تمتدحك. وتمدح مؤلفاتك، وتخبرك مسرورة أن أولادها يقرؤون كتبك (أي كتبي ولا مؤاخذة) وأنهم جد معجبين بك.

أشكرك يا سيدي الأستاذ على نشرك هذا الخبر. وسواء أكان من مبتكرات خيالك أم هو حقيقة واقعة لا شأن للخيال فيها، فإني أرى فيه دعاية طيبة لي ولمؤلفاتي، خصوصاً وأني اعد في هذه الآونة مجموعة جديدة. ولعلك قد علمت بخبر هذه المجموعة فتطوعت، من تلقاء نفسك، حبا في مساعدة زملائك الصغار (الصغار في المنزلة، وليس في السن طبعا) والأخذ بيدهم في معترك هذه الحياة الأدبية العابسة. أشكرك على طيبة قلبك؛ فأنت حقا زميل نافع لزملائه. وإني أخشى أن يفطن الأستاذ الزيات إلى هذه الطريقة المخادعة التي لجأنا إليها - أنت وأنا - فاستغللنا بضع أعمدة مم رسالته في الإعلان عن أنفسنا ومؤلفاتنا. فتكون العاقبة غير حميدة!

لا أدري، أي شيطان أجلسك بجوار هذه السيدة الوقور، فصرفتك بحديثها الثقيل عن مغازلة - بريئة أو غير بريئة - لجارتك الأخرى، تلك الغادة الهيفاء التي صوتها كالتغريد (على حد تعبيرك). لو علمت هذه السيدة الوقور أي خسارة لحقت بأدبنا العربي، بصرفها إياك عن غادتك الهيفاء، لتركتك على الفور طليقا تنعم بحريتك مع فتاتك، تستمتع بتغريدها العذب، ولفاز أدبنا بقصة رائعة من قلمك، تصف لنا فيها مغامرة جديدة من مغامراتك الغرامية، تلك المغامرات التي سيكون لزوجك (الخيالية) أثر كبير فيها، فنسمعك تقول لها: يا امرأة، ما شأنك أنت وهذه الغادة الهيفاء التي صوتها كتغريد الطيور. . . .؟ فلا تكاد تتم جملتك حتى تشعر بيد قد استولت على إذنك، وأخذت تعركها عرك أستاذية عريقاً. . .!

ولكن ما لنا ولهذا؟ إني أراهن أن هذه السيدة الوقور لم تقرأ سطراً واحداً من مؤلفاتي وإلا

<<  <  ج:
ص:  >  >>