للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أثر الحرب الكبرى في بريطانيا]

للأستاذ رمزي ميور

أستاذ التاريخ الحديث في جامعة منشستر سابقاً

ترجمة الأستاذ محمد بدران

ناظر مدرسة بمباقادن الابتدائية

ليس في العالم كله مجتمع أو طائفة من المجتمعات أثرت الحرب في مصائرها كما أثرت في بريطانيا وما يتجمع حولها ويرتبط بها من الشعوب المؤتلفة المنتشرة في أنحاء العالم

ولقد كانت الحرب الكبرى التي دارت رحاها بين عامي ١٩١٤، ١٩١٨ هي آخر عراك من أربعة يحدد كل منها فترة من فترات التاريخ اضطلعت بريطانيا فيها بدور حيوي هام هو إنقاذ العالم من سيطرة دولة واحدة، أو نزعة للحضارة واحدة؛ وكان لكل عراك منها أثر بليغ في مركزها هي. فأما العراك الأول فهو حرب إسبانيا أيام الملكة اليصابات، وفيه قهرت ذلك الخصم العنيد، وصانت حرية البحار، وخرجت منه وهي أكبر الدول البحرية، والقادرة على أن تحيا حياتها الخاصة من غير خطر يتهددها، وأن تنشر تجارتها وتبسط سلطانها فيما وراء البحار

وأما في العراك الثاني فهي التي قادت الحلف الذي أذل كبرياء لويس الرابع عشر، ووثقت روابطه وخرجت منه وهي أعظم الأمم التجارية وأولى الأمم ذات الحكومات الديمقراطية، وفتح أمامها باب سيادة العالم الجديد فنالت تلك السيادة قبل أن ينقضي على الحرب نصف قرن. وفي العراك الثالث كانت هي العدو الوحيد الذي لم تقو الثورة الفرنسية ونابليون على هزيمته، وذلك بفضل قوتها البحرية، وخرجت من هذا العراك وهي من غير شك أقوى دول العالم وسيدة البحار بلا منازع، ومالكة الثروة التي أخرجتها وسائل الإنتاج الآلية الحديثة، والمسيطرة على إمبراطورية عظيمة تضم بين أطرافها القارات وأشباه القارات. وكانت كل حرب من هذه الحروب العالمية سبباً في ارتفاع شأن الشعوب البريطانية وزيادة قوتها. فماذا كان أثر الحرب الأخيرة فيها؟

كانت بريطانيا العظمى في خلال القرن التاسع عشر أقوى دول العالم أجمع، لا ينازعها في

<<  <  ج:
ص:  >  >>