(إلى هذا الشيخ الجاثم في حفرة بين القابرة كما يجثم العقاب
الهرم، وإلى وحيدته فاطمة الراقدة تحت أطباق الثرى، وإلى
هذه الكلاب التي ترفل في نعيم الدنيا، وإلى الصعاليك من بني
آدم أهدي هذه القصة)
ع. ح
- ١ -
كان البدر يتألق في صفحة السماء، وكان الليل مشرق الجبين فتهلل وجه الطبيعة، وانقشعت غياهب يومنا العابس المطير
وكأن صحو هذه الليلة ولإشراقها قد أشاعا الدفء في الأرجاء فنسينا أننا في ليلة من ليالي الشتاء
وكنت مع صاحبي ليلتئذ - في داري التي اخترتها لسكناي بالضاحية النائية على حافة الصحراء - نطوف بالذكريات في ركب الأيام ومواكب الأعوام، وطال بنا الجلوس فمللنا البقاء وهممنا بالخروج ننشق نسيم هذه الليلة التي تشبه ليالي الربيع، وكنا نسير إلى غير قصد معلوم
قال لي صاحبي:
- ألك في رحلة قصيرة نجتاز بها هذا الجانب من الصحراء إلى تلك القرية الصغيرة عل سيرة ربع ساعة ننعم في خلالها بالبدر يسطع فوق رمالها البيضاء، وبالليل نبدد سكونه بما يحضرنا من حديث؟
وكان تألق البدر في الصحراء يغري بالمضي إلى حيث شاء صاحبي فأجبته إلى ما أراد