للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[غراب وطفل]

(مهدأة إلى أستاذنا الكبير أحمد حسن الزيات)

للأستاذ محمد يوسف المحجوب

نَشِبَ اَلْجناَحُ وَضَلَّ في الأَغْصاَنِ ... فإِذَا الْغُرَابُ يَخِرُّ لِلأَذْقَانِ

حَيْرَانَ يَلْتَمِسُ النَّجاَةَ فَلاَ يرَىَ ... قَلْباً يَرقُّ بِذلِكَ اَلْحيْرَانِ

جَهِدَ الأَسِيرُ لِكْي يَفُكَّ جَنَاحَهُ ... بِاَلْخفْقِ آوِنَةً وَبالدَّوَرَانِ

لم يُغْنِ عَنْهُ كِفاَحُهُ فَأَثاَرَهاَ ... شَعْوَاَء تُسْمِعُ جَلْمَدَ الآْذَانِ

وَرَأى غُرَابٌ صِنْوَهُ في أَسْرِهِ ... فَمَضَى وأَسْرَعَ لِلأَسِير الْعاَنِي

وَهَوَى يحُاَولُ جَذْبَهُ. . . وَإَذَا بِهِ ... هُو والأْسِيرُ لِدَى الرَّدَى صِنْوَانِ

أعْياَهُ إِنْقاَذُ الزّمِيلُ، فَطاَرَ في ... فَزَعٍ يُناَدِي شِيَعَةَ الْغِرباَنِ

وَإذَا غُرَابٌ، ثُمَّ ثَانٍ، خَلْفَهُ ... مِنْ قَوْمِهِ زُمَرٌ. . . أَتَتْ لِثَوَانِ

وَتَجمَّعَ الْغِرْباَنُ في الدَّوْحِ الذي ... ضَمَّ الأَسِيرَ تَجَمُّعَ الْفرْساَنِ

عَقَدَتْ عَصاَئِبُهاَ عَلَيْهِ مَناَحَةً ... وَبَكَتْ لَدَيْهِ بِدَمْعِهاَ الْهَتَّانِ

وَكأَنَّماَ كاَنَتْ تَضَرَّعُ لِلْوَرَى ... أَنْ يُسْعِفُوا ذَاكَ الْمَهِيضَ الْفاَنِي

وَأَتَى بَنُوا الإنسان فاحْتَشَدُوا عَلَى ... بَلَهٍ. . . زَرَافَاتٍ بِلاَ وِجْدَانِ

وَتَجَمَعَّوُا شِيَعاً لِكيْ يُهْدُوا لَهُ ... نَظَرَ الْفُضُولِ، وَلَمْحَةَ الْمُجَّانِ

وَإذَا الْبَلاَهَةُ وَالْفُضُولُ تَجَمَّعاَ ... لَمْ تَلْقَ لِلأَخْلاَقِ أَيَّ مَكاَنِ. . .

وَأَتَى الظَّلاَمُ. . . وَلَفَّ في أَحْشَائهِ ... هذَا الْوُجُودَ. . . فَمَا تَرَى عَيْناَن

وَاسْتَيْأَسَ الْغِربْاَنُ فَانْصَرَفُوا عَلَى ... مَضَضٍ، وَلَمْ ينْسُوا فَتَى الأَغْصاَنَ

تَرَكُوا لَهُ بَعْضَ الرَّفاق تَزُقُّهُ ... باَلْحبَّ تَحْتَ رَعَايَةِ الرَّحمنَ

حَتَّى يَجِئَ الصُّبْحُ في أَعْطَافِهِ ... فَرَجُ الْكُرُوبِ وَجَلْوَةُ الأَحْزَانِ

ياَ لَلْوَفاَءِ وَلْلإخَاءِ نَرَاهُماَ ... بَلَغَاَ الذُّرَا في عَالَمِ اَلْحيَوَانِ. . .

لَمْ تَفْرُغِ الْغِرْباَنُ مِنْ أَشْجاَنِهاَ ... وَاللَّيْلَ مَهْدُ غَرَائِبِ الأَشْجاَنِ

وَإذَا صُراخٌ مِنْ وَليدٍ قَدْ بَدَا ... في اَلْجوَّ يَبْعَثُ كاَمِنَ التَّحْناَنِ

ياَ لَلشقاَءِ وَلِلتَّعاَسَةِ. . . جُمَّعاَ: ... هُوَ ذَا (لَقِيِطٌ) لُفَّ في أَكْفاَنِ!

<<  <  ج:
ص:  >  >>