قرأت نخبة من المقالات التي نشرتها مجلة (الثقافة) الغراء إحياء لذكرى سعد - رحمه الله - في هذه السنة
ولي عناية خاصة بأمثال هذه المقالات، لأنها تتصل بترجمة رجل عظيم أجللته وانعقدت الآصرة بيني وبينه في الجهاد الوطني بضع سنوات فضلاً عن سنين عدة كنا ننظر إليه فيها قبل ذلك نظرة الوثوق والإعجاب، ولأن هذه المقالات تتصل من جهة أخرى بموضوع كتاب ألفته في تاريخ ذلك الرجل العظيم، فيعنيني أن أراجع فيه كل ما عسى أن يصحح رأياً أو واقعة أو خبراً مما ورد في الكتاب لاستدراكه في أوان الاستدراك
ومن المقالات التي اتجه إليها ناظري أول ما أتجه مقال العالم الفاضل الأستاذ أحمد أمين لأنه كتب عن مدرسة القضاء الشرعي وهو أحد الأعلام الذين أنجبتهم تلك المدرسة القصيرة الأجل، الطويلة النفع والذكرى
ولكني عجبت لأنني رأيت الأستاذ ينساق إلى خطأ شائع من الأخطاء الشائعة الكثيرة التي ذاعت عن مدرسة القضاء في بعض الفترات.
وذلك إذ يقول:(. . . لم يرض الخديوي ولا الأزهر عن المشروع، ولمن سعداً أصر وعرض الأمر على مجلس النظار برياسة الخديوي، وعارض في الجلسة من النظار من أوعز إليهم أن يعارضوا، فاتخذ سعد المسألة قضية يترافع فيها كما كان يترافع أيام عهده بالمحاماة، ونسى المجلس ونسى الخديوي وضرب بيده على المائدة كما كان يضرب أمام القضاة، وتخاذل المعارضون ووفق على المشروع الذي كان يحلم ببعضه الشيخ محمد عبده، وتم وفي نفس الخديوي منه شيء بل أشياء، وهمس الخديوي في أذن مصطفى باشا فهمي رئيس مجلس النظار: يظهر أن نسيبك لم ينس المحاماة. . .)
فهذه القضية قد راجت زمناً لأنها تحمل عنصراً من عناصر الرواج بين الجمهور، وسمعتها من مصادر عدة قبل التقائي بسعد وبعد التقائي به في أيام الحركة الوطنية، وهي مع ذلك (مؤلفة) أو مخترعة سمعنا نفيها من سعد نفسه وذكرنا ذلك في مقالنا الذي نشرناه بمجلة (الهلال) الغراء على أثر وفاته، وذكرناه بعد ذلك في كتابنا عن سعد حيث نقول في