[ذكرى الهمشري]
للأستاذ مختار الوكيل
طوِيتْ بموتكَ صفحةُ الأحلامِ ... وخبت بفقدكَ شعلة الإلهامِ
لا النهرُ عند الفجرِ يرقصُ عابثاً ... نَزِقا يُسِرُّ خوافتَ الأنغامِ
كلاَّ ولا البدرُ العظيمُ بمسعدٍ ... في الليل مهجةَ حاملِ الآلامِ!
مُنذُ انطلقتَ مع الصباحِ مُسارِعاً ... بجناحِ مشتاقٍ، صريعِ غرام
ونَزعتَ قَيدَ الآدميةِ ساخراً ... مع نِيرهِ، ونَأيتَ دون سلام
عَلمتَني أنَّ الحياةَ رخيصةٌ ... مادام عُقباها شرابُ حمام!
والمجدَ والآمالَ عُلةُ ظامئٍ ... في البيدِ ما يَحظى بِبلِّ أوام!
قد أجدبَ الروضُ النضيرُ وصَوحتْ ... أزهارُهُ وذَوتْ على الأكمام!
والطيرُ شالتْ عنهُ إلا بومةً ... قَبعتْ هناكَ حليفةَ الإظلام
تُحي الأماسي بالنعيبِ فيالها ... من بومةٍ تشدُو بلحنٍ دام!
فَلَعَلَها تبكَيكَ في غَسقِ الدُجى ... وتصوغُ مرثيةً من الأوْهامِ!
ولعلها تأتي بلحنٍ صادقٍ ... وتَفَي بِدَمعٍ في الخُطُوبِ سِجَام
ولرُبَّ لحنٍ عاثرٍ مُتجهمٍ ... يَذرُ النهى نشوى بِغيْر مُدام!
لبَقيتَ حتى في خَفِّي سرائري ... وخَلدتَ حتى في نُهى الأيام
فإذا هَجعتُ فأنتَ في أحْلامِي ... وإذا مَشيتُ فأنتَ أنْتَ أمَامِي!
عَجَبي مِنَ الدُّنيَا! أأنْتَ مع البِلَى ... أمْسَيتَ كَوْمةً أعظُمٍ وحُطَام؟
وَيلُمِّها! ما إن جَلتكَ يَتيمَةً ... في الناس حتى عَاجَلتكَ بِجَام
أسَفي لِفَقدِكَ لا يُعادلُهُ سوى ... سُخرِي من الدُّنيا وَمِن آلآمي!
لا تَجْزعنَّ فَعَن قَريبٍ نَلْتَقي ... في عالمِ النِّسيَانِ والأحْلام!
وهناك أُصْغي للقريض تَصُوغه ... في نَسْجكَ الحُرِّ الرفيعِ السامي
ونَقرُّ لا همٌّ هُناكَ يَؤمُّنا ... مِن عَالمِ الوَيْلاتِ والإجْرَام!
مختار الوكيل