للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حول المسجد]

للأستاذ أحمد أمين

ساقني حسن الحظ إلى الحديث مع سيدة إنجليزية فاضلة، وكان ذهني مستغرقاً في برنامج (الأخلاق والتربية الوطنية للمدارس الثانوية) والمتحدثون - عادة - يلونون حديثهم - ولو من غير شعور - بما يشغل أذهانهم ويستغرق أفكارهم - ومهما بعد المتحدث عن الموضوع يستولي عليه فسرعان ما يعود إليه، وينغمس فيه

لقد بدأنا الحديث في الجو وانتقلنا إلى غيره، وإذا بنا نتكلم في (التربية والتعليم وشؤونهما) وإذا بي أسأل السيدة:

- ما برنامج الأخلاق والتربية الوطنية للمدارس الثانوية في إنجلترا؟

- ليس لهما في المدارس برنامج معين ولا دروس خاصة، ولكن تلقى فيهما محاضرات في مناسبات، وأهم ما يقوم بهذه المهمة (الكنيسة) فهي تنظم دروساً للشبان والشواب في هذا الموضوع، ويقوم بها رجالها، فيكفوننا بذلك مؤونة الدروس في المدارس؛ وإلقاؤها في الكنائس يجعل لها معنى أجمل، واحتراما أوفر، وطعماً أحلى

أنتقل ذهني في سرعة البرق من الكنيسة عندهم إلى المسجد عندنا، وساءلت نفسي:

ما الوظيفة الاجتماعية التي يؤديها المسجد للأمم الإسلامية؟

إني أفهم أن لمسجد الحي وظيفة هامّة بجانب وظيفته الدينية، هي الإشراف على تجلية الروح وتهذيب النفس بتنظيم المحاضرات في الموضوعات التي تمس العصر، والمشاكل التي تعرض في كل زمن، كما أن من وظيفته الإشراف على حالة الحي الاجتماعية، وما يصاب به بؤس وفقر وانغماس في المخدرات ونحو ذلك؛ ثم تنظيم الإحسان والقيام بالخدمة العامة بين الأغنياء والفقراء، وإسداء النصائح للأسر فيما يعرض لهم من متاعب وصعاب

إني أفهم من مسجد الحي أن يكون كمستشفي الحي، وغير أن المستشفي يداوي الأمراض الجسمية، والمسجد يداوي الأمراض الروحية والاجتماعية

إني أفهم أن يكون إمام المسجد رئيس المستشفي يعرف مرضى الحي، ويعرف علاجهم، ويكون صلة تآلف وتعارف بين أهل الحي، يأخذ من غنيهم لفقيرهم، ومن صحيحهم لمريضهم، ويقضي على المنازعات والخصومات ما استطاع، ويثقف الجهلاء، ويتخذ من

<<  <  ج:
ص:  >  >>