قلت: فإذا كانت كل امرأة تغلط لنفسها في الرأي وتنصح بالرأي الصائب غيرها، فيوشك ألا يبقى في نساء الأرض فضيلة ولا يعود في المدرسة كلها عاقل إلا الكتاب
فتضاحكت وقالت: لهذا يشتد ديننا الإسلامي مع المرأة، فهو يخلق طبائع المقاومة في المرأة، ويخلقها فيما حولها، حتى ليخيل إليها أن السماء عيون تراها، وأن الأرض عقول تحصى عليها. وهل أعجب من أن هذا الدين يقضي قضاء مبرماً أن تكون ثياب المرأة أسلوب دفاع لا أسلوب أغراء، وأن يضعها من النفوس موضعاً يكون فيه حديثها بينها وبين نفسها كالحديث في الراديو له دوي في الدنيا، فيقيم عليها الحجاب وغيرة الرجل وشرف الأهل، ويؤاخذها بروح طبيعتها، فيجعل الهفوة منها كأنها جنين يكبر ولا يزال يكبر حتى يكون عار ماضيها وخزي مستقبلها
هذه كلها حجب مضروبة لا حجابٌ واحد، وهي كلها لخلق طباع المقاومة، ولتيسير المقاومة، ومتى جاء العلم مع هذه لم يكن أبداً إطلاقاً، ولم يكن أبداً إلا الحجاب الأخير كالسور حول القلعة. ولكن قبح الله المدنية وفنها؛ أنها أطلقت المرأة حرة ثم حاطتها بما يجعل حريتها هي الحرية في اختيار أثقل قيودها لا غير. أنت محمل بالذهب، وأنت حر، ولكن بين اللصوص، كأنك في هذا لست حراً إلا في اختيار من يجني عليك. . . .!
لم تعد المرأة العصرية انتصار الأمومة، ولا انتصار الخلق الفاضل، ولا انتصار التعزية في هموم الحياة؛ ولكن انتصار الفن، وانتصار اللهو، وانتصار الخلاعة