للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ذكرى الشاعر]

صالح علي شرنوبي

للأستاذ محمد صبري علي سليم

كان لزاما علي أن اكتب هذه الكلمات بعد أن صرنا على بعد عام من مصرع شاعرنا الشاب صالح علي شرنوبي. . ففي مثل هذه الأيام عام مضى، صعدت روح صالح إلى بارئها أثر حادث أليم

. . . كان صالح رحمه الله شاعر مرهف الحس، مشبوب العاطفة، قوي الإحساس، ولقد عرفته طالبا بالقسم الثانوي بمعهد طنطا - وإن لم أره - وكنت حينئذ طالبا بالقسم الابتدائي في نفس المعهد. عرفته من قصائده الحماسية التي كان يطالعنا بها في مجلة (الفكر الجديد) وكان يصدرها في ذلك الوقت الأستاذ حلمي المنياوى. وذات يوم بحثت عن المجلة فلم أجدها، ولما تساءلت عن احتجابها علمت أن الرقابة صادرتها لأنها نشرت قصيده ثائرة لصالح. وبعد ذلك بأيام توقفت المجلة عن الصدور، لأن ولاة الأمور وقتذاك زعموا أنها تحض على المبادئ الهدامة. . وظللت بعد ذلك أقرا لصالح في مختلف الجرائد والمجلات، وكان إعجابي به يزداد كلما قرأت له. . ذلك لأنه لم يكن شاعرا كبقية الشعراء، بل كان له مذهب خاص في الشعر. استمع إليه في قصيدة (أختي) حينما يصور لك حياة أخته البلهاء التي جنت عليها الأقدار فحرمتها نعمة الإدراك:

وتقول أمي حين تلقاك ... يا ليت قلبي ما تمناك

أو ليت مهدك كان مثواك

لك في بنات الحي أتراب ... عرسانهن لهن أحباب

فأقول والمقدور غلاب

قد خانك أنت الحظ يا أختي

فهل رأيت شاعرا بلغ في دقة التصوير والتعبير ما بلغه صالح؟ لقد كان ذات ليلة في نقابة السينمائيين، ونظر حواليه فرأى امرأة في خريف العمر تجلس وحدها مطرقة مفكرة. ولما سأل عنها قيل أنها كانت في ربيع عمرها تلعب بقلوب الرجال، أما اليوم فليس فيها ما يسر العيون. وراقبها صالح مدة، ثم كتب قصيدة (أطلال راقصة) التي يقول في مطلعها:

<<  <  ج:
ص:  >  >>