[بين بريسكا وتوفيق الحكيم]
بريسكا: أني أبغضك. أبغضك من أعماق قلبي.
ت. الحكيم: استغفر الله! لماذا يا سيدتي؟ ما جنايتي؟
ب: واحتقرك كما احتقر غالياس.
ت: لاحظي يا سيدتي قبل كل شئ أن ليست لي لحية غالياس!
ب: قل لي أنت قبل كل شئ: ماذا عليك لو أنك أبقيت لي مشلينيا؟. . لو أن قلمك تمهل لحظة صغيرة ولم يقصف تلك الحياة قبل أن يحضر غالياس وعاء اللبن. . .! ماذا كسبت أنت من موت مشلينيا قبل الأوان؟ لحظة واحدة صغيرة كانت كافية لإنقاذ الفتى. . لكنك ضننت بها أيها القاسي الظلوم!
ت: لست قاسيا يا سيدتي ولا ظلوما. ولو كنت أملك أمر بقاء مشلينيا دقيقة واحدة لأبقيته لك عن طيب خاطر.
ب: لو كنت تملك؟ ومن غيرك يملك؟!
ت: لا تحمّليني يا سيدتي هذه التبعة.
ب: جميل أن يتنصل خالق من تبعة خلقه كل هذا التنصل!!
ت: ما أظلم الإنسان! وما أحوج المبدعين إلى الرحمة والرثاء في هذا الوجود!
ب: نحن الظالمون وهم المظلومون! شيء بديع!
ت: إنكم تحملونهم التبعات وترمونهم بالظلم وهم براء من كل صفة من الصفات. فلا ظلم ولا عدل، ولا قسوة ولا حنان، ولا غضب ولا رضى، تلك عواطف لا يعرفونها ولا يشعرون بها. ولو أصغى إله لصوت آدمي لأنحلّ الكون في طرفة عين كما تنحل قصة أهل الكهف لو أني أصغيت إلى شخص واحد من أشخاصها! فأنت تريدين أن أؤخر موت مشلينيا دقيقة. ولا تعلمين أن هذه الدقيقة الواحدة كانت كفيلة أن تغير وجه القصة وتقلب مصير الأشخاص وتلقي عناصر الفوضى في العمل كله. كلاّ يا سيدتي. إني لم أرد موت مشلينيا ولم أرد بقاءه. ولم أحب ولم أكره. ولم أظلم ولم أعدل. إنّ المبدع لا يمكن أن يخضع لغير قانون واحد: (التناسق).
ب: هذا كلام تبرر به قسوتك.
ت: أنت يا سيدتي لا تعرفين ما مهنة المبدع! ثقي أن كلمة (قسوة) لا معنى لها في تلك