للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الحياة الأدبية في الحجاز]

نهضة النثر

للأستاذ أحمد أبو بكر إبراهيم

أثرت العوامل الثقافية والقومية والسياسية في النثر الحجازي كما أثرت في الشعر، فتخلص من قيود القديم، ولم يعد الآن بين الكاتبين في الحجاز من يصب على قوالب الأقدمين فيطرب للمحسنات أو يتحرى موضوعاتهم في العتاب والشكوى والمقامات.

وإنك لتعجب لهذا الانقلاب السريع الذي طرأ على النثر الحجازي؛ فإنهم استطاعوا أن يغيروا اتجاهه في فترة قصيرة من الزمان، ولعل الذي سهل لهم هذا الطريق هو ما سبق أن قررناه في الشعر من أن الأديب الحجازي وجد نفسه - منذ أن تفتحت أمامه سبل النهضة - متخلفا عن الركب العربي فدفع بنفسه دفعة قوية آملا أن يصل إلى أقصى الغايات. ثم إنه وجد أمامه طريق التجديد سهلة معبدة قد سلكها غيره من أدباء مصر والشام والمهجر فلم يتعثر طويلا في الطريق التي تعثروا فيها قبله وصاح صيحة قوية في وجه التقليد ودعا في حرارة وشغف إلى التعلق الجديد ومن قول عواد في ذلك: (إذن فما لنا نرجع إلى الوراء حتى في الأدب؟! جناية جناها على أفكارنا وأقلامنا الأقدمون فطأطأنا لها الرءوس.

كفى يا أدباء الحجاز، ألا نزال مقلدين حجريين إلى الممات؟ أقسم لولا حركة عصرية في الأدب قائمة الآن في الحجاز بهمة لفيف من أحرار الأدب العصري، لما عرف العالم شيئا في الحجاز يدعي الأدب الصحيح. . .

وفي الحجاز الآن مدرستان للنثر تقابلان مدرستي شعر؛ فإحداهما متئدة وهي متأثرة أشد التأثر بأدب مصر والشام، والثانية مجددة ممعنة في التجديد وهي متأثرة بأدب المهجر، وكان طبيعيا أن تقوم هاتان المدرستان في النثر بجانب مدرستي الشعر لاختلاف المصادر التي يستقي منها التجديد أدباء الحجاز وانقسامهم فريقين يختار كل منهما ما يحلو له وما يغذي اتجاهه. وثمة سبب آخر لعله أوضح من سابقه في ظهور هذين الاتجاهين في الشعر والنثر معا وهو أن التخصص لم يظهر بعد ظهورا واضحا عند أدباء الحجاز فأكثر الأدباء عندهم شعراء وكتاب وخطباء ولو أننا عددنا كاتبين كالسباعي وزيدان لم يحاولا الشعر ولم

<<  <  ج:
ص:  >  >>