ستصبح الجوائز الأدبية يوماً ما، وإن بعد، موضوع رسالة أحد طلاب العلم يتقدم بها إلى إحدى الجامعات لينال إجازة (الدكتوراه) في الآداب. ولا ريب في أن مثل هذا الموضوع سيكون في نظر أدباء ذياك الجيل المقبل طريفاً غاية الطرافة، كما يجد أدباء هذا العصر متعة وأي متعة في حديث التقدير الأدبي الذي لقيه أدباء القرن التاسع عشر في أوربا وأمريكا. فقد كان تقدير الأدباء لذلك الجيل يجري على منوال خاص. ففي إنكلترا مثلاً منح الشاعر (لوريت) الذي نشأ راعياً مرعى خصيباً. ومنح الكثير من الأدباء ألقاباً بمناسبة إحياء أيام مولدهم أو نحوها من المناسبات. أما تقدير الأدباء في أمريكا فكان يجري على منوال آخر أساسه الانتفاع الضمني بالناحية المادية لمظهر الهبة أو المكافاة، إذ يذكر عن (ناتانيل هوثورن) أنه عين قنصلاً لأمريكا في ليفربول لمجرد الاعتراف بقدره الأدبي. وكذلك قلد (هرمن ملفيل) مثل هذه الوظيفة ليتمكن من التغلب على ضائقته المالية. وتابعت أمريكا السير في ذلك حتى عام ١٩٠٤ حين عين الرئيس روزفلت (ادوين أرلنجتون روبنصن) في إدارة المكوس تشجيعاً له على النهوض بالشعر. جرى مثل ذلك على البعض في حين أن فطاحل الأدباء للعصر الفيكتوري مثلاً لم يصيبوا شيئاً من هذه الهبات، إلا أنهم استعاضوا عن ذلك بإدراك الحقيقة الراهنة التي كانت تتجلى لهم يوماً بعد يوم في زيادة طبقات القراء، فأوحت لهم ثقتهم بأنفسهم ألا يضعوا أمانيهم في غير المستقبل. وسرعان ما اطمأنت نفوسهم عندما صدر عام ١٨٨٠ قرار يجعل حق الطبع والنشر ملكاً للمؤلف. وقضى هذا القرار على قرصنة الناشرين وسطو المغتصبين على أعمال الأدباء. وبطبيعة الحال كان تكرار نشر عمل أدبي يدر على صاحبه رزقاً جديداً. ولهذا لم يأبهوا للهبات والجوائز.
وأول الجوائز الأدبية التي ظهرت خلال القرن العشرين ولم تكن لها سمة التجارة هي (جوائز نوبل) في بلاد السويد و (جائزة جونكور) و (جائزة فمينا) في فرنسا، والجائزة (الهوثورنية) في إنكلترا، و (جائزة بولتزر) في أمريكا. وظهرت بعد ذلك جوائز أخرى في هذه البلاد وغيرها. ومهما تكن هذه الجوائز صادقة في التعبير عن عصر بذاته، أو عن