نشرت (الرسالة) في عددها الصادر في ٣١ أغسطس (العدد رقم ١٦٥) مقالاً بعثت به إليها أثناء غيبتي في أوربا عنوانه (أسبوع في سبتمانيا: من ذكريات العرب والإسلام في غاليس)، عرضت فيه بعض حقائق وملاحظات أثارتها في نفسي زيارتي لسبتمانيا وقواعدها في أواخر شهر يوليه الماضي.
وقد لُفت نظري عقب عودتي بأيام قلائل إلى كلمة نشرتها إحدى الصحف السورية لكاتب يزعم أنه اكتشف في مقالي أغلاطاً شنيعة في التاريخ والجغرافيا، وينتهز الفرصة فيوجه إليَّ وإلى (الرسالة) وصاحبها فيضاً من الغمز البذيء الذي ينم في كل كلمة منه عن حقد مضطرم وسوء نية يعلم الله وحده مصدرهما والباعث عليهما.
وأنا أربأ بقلمي و (بالرسالة) عن التورط في هذا المعترك الوضيع، معترك السباب والقذف، وأكتفي بالرد على ما جاء في الكلمة خاصاً بالأغلاط المزعومة.
نقل الكاتب عبارتين من مقالي هما موضوع المناقشة، وهذه أولهما:
(ولقد كانت سبتمانيا - وهو سمها القديم، ومعناه ذات المدن السبعة - أو لانجدوك الحديثة، أول أرض إفرنجية غزها العرب عقب افتتاح الأندلس، واتخذوها قاعدة لغزواتهم في جنوب فرنسا، وجعلوها ولاية أندلسية سميت بالثغر أو الرباط لوقوعها على ساحل البحر الأحمر. . .).
وأظن أنه لا يخفى على فطنة أي قارئ أن كلمة (الأحمر) هنا إنما هي خطأ مطبعي أو سهو قلمي لا شك فيه، جاءت مكان (البحر الأبيض)؛ ولا يمكن بداهة - والمقال كله على سبتمانيا وجنوب فرنسا والأندلس - أن يخطر ببال قارئ أن كاتب هذا المقال يقع في مثل هذا الخطأ الساذج. وإذن فالجهل المقرون بسوء النية هو وحده الذي يملي على الكاتب ملاحظته الخرقاء، وقوله إني أجهل الجغرافيا، وأنتقل بالقاري من شواطئ البحر الأبيض إلى شواطئ البحر لأحمر.
وكيف يتصور إنسان سوى هذا الحاقد المصدور أن الخطأ هنا حقيقي وقد كتبتُ مسودة المقال وأنا أتجول في سبتمانيا ذاتها وعلى شواطئ البحر الأبيض نفسه؟