عني مؤرخو آداب الأمم الغربية بتصوير المجالس الأدبية التي كانت تعقد في أوربا في القرون الخوالي. فقد لاحظوا أن أبهاء الأمراء والنبلاء، وانداء الفلاسفة والعلماء، ومجامع الشعراء والادباء، كان لها في أحايين كثيرة اثر بالغ في توجيه الأدب وجهة معينة، وإكسابه لوناً لا عهد له به من قبل، وتوشيته بصور طريفات فيها جمال وحياة
كانت وحدة الأذواق والميول، تدفع في الغالب إلى عقد هذه المجامع، وربما كان السبب في بعض الأحايين، نبل أميرة، أو ذكاء سيدة، أو عبقرية أديب، أو الطمع في غرض نبيل والسعي وراء غاية مثلى. وقد بدأت هذه المجامع تظهر منذ القرن السادس عشر؛ ففي إسبانيا أسس أول مجمع أدبي حوالي سنة (١٥٣٠) وكان يرأسه (دلافيرجا وكان ينهج هو وصديقه نهج الشعراء الإيطاليين ويقلدون أثارهم تقليداً شديداً
وجعل فريق من المعجبين بالشاعر الإيطالي (بترارك) في فرنسة، مدرسة خاصة به في (ليون)، في منتصف القرن السادس عشر. وكان أفراد هذه المدرسة يتتبعون أثار ذلك الشاعر، ويسلكون نهجه، وينشرون مبادئه لأخلاقية، ويرون أن شعره احسن وارفع شعر ينبغي للشعراء أن يغترفوا من معينه دائماً
وفي هذه الحقبة، اعني في منتصف القرن السادس عشر، أسس في باريس مجمع سموه (بلياد (١٥٥٠). وكان يرأسه (رونسار الشاعر، وفيه ستة آخرون، وقد كان هذا الاسم يطلق في القرون الخالية على بنات أطلس وبليون السبع اللواتي قتلن أنفسهن من الخيبة، ثم انقلبن إلى نجوم تسطع في السماء، كما تروي الأساطير. وقد اتخذ هذا الاسم سبعة من الشعراء اليونانيين لمجمع لهم؛ ثم أطلقه رونسار على مجمعه بعدهم. وكان رونسار وأصدقاؤه ينشرون الشعر الإيطالي وينقلونه إلى الفرنسية. وقد بينا هذا في مقالنا عن اثر الآداب الأجنبية في الأدب الفرنسي في هذه المجلة، فليرجع إليه