قال الإمام شمس الدين أبو عبد الله المعروف بابن القيم (إمام الجوزية) في كتابه (الفروسية):
الفروسية أربعة أنواع:
أحدها ركوب الخيل والكر والفر بها. الثاني الرمي بالقوس. الثالث المطاعنة بالرمح. الرابع المداورة بالسيوف.
فمن استكملها استكمل الفروسية. ولم تجتمع هذه الأربعة على الكمال إلا لغزاة الإسلام وفوارس الدين وهم الصحابة (رض) وانضاف إلى فروسيتهم الخليلية فروسية الإيمان واليقين والتنافس في الشهادة وبذل نفوسهم في محبة الله ومرضاته، فلم تقم لهم أمة من الأمم البتة، ولا حاربوا أمة إلا قهروها وأذلوها وأخذوا بنواصيها، فلما ضعفت هذه الأسباب في من بعدهم لتفرقها فيهم وعدم اجتماعها دخل عليهم من الوهن والضعف بحسب ما عدموه من هذه الأسباب، والله المستعان!
قلت: لكل وقت سلاح و (السلاح ثم الكفاح) ولكل وقت فروسية حاشى فروسية اليقين والإيمان فإنها لكل زمان، والمدرسة العظمى (الجامعة الكبرى) لهذه الفروسية وتحصيلها وحذقها إنما هي مدرسة (القرآن). وقد كان أبو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم (رحمه الله) يقول لقائده قتيبه بن مسلم:
(خذ أهل عسكرك بتلاوة القرآن، فأنه أمنع لهم من حصونك).
وكان التالون يفقهون ما يتلون، فيجسرون ويقدمون ذلك الإقدام، ونفر الجن وتهرب الغيلان من قدامهم.
ثم صرنا - نحن معشر الخلف الصالح - نتلو (الكتاب) كتلاوة صاحب النخعي.
(قال رجلا لإبراهيم النخعي: إني أختم القرآن كل ثلاث ليالي.
قال: ليتك تختمه كل ثلاثين وتدري أي شيء تقرأ. . .
يا أيها العرب، يا أيها المسلمون، اقرءوا القرآن، افهموا القرآن فهما صحيحاً عربياً لكي تبلغوا السماء قوة وفروسية وسطوة وعزة وسلطاناً وهناءة وسعادة ومجداً (أفلا يتدبرون