للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المنصور بن أبي عامر]

للدكتور عبد الوهاب عزام

(مفخرة من مفاخر التاريخ العربي، ومثل من الهمة الطامحة،

والنفس الهمامة، والعزم الذي لا يفل)

- ١ -

ينتسب إلى قبيلة معافر إحدى قبائل اليمن. دخل جده عبد الملك بن عامر الأندلسي في جند طارق بن زياد، وأقام بعد الفتح في الجزيرة الخضراء فكان له ولبنيه شأن؛ واتصل أبو عامر جد المنصور بالخلفاء في قرطبة، وعدت أسرة أبن عامر في أسر الوزراء. وكان أبو حفص والد المنصور متألهاً زاهداً، شغل بالحديث عن خدمة الخلفاء، ومات قافلاً من الحج فدفن بمدينة طرابلس. وأم المنصور من أسرة تميمية - أسرة بني برطال - ويقول القسطلي في المنصور:

تلاقت عليه من تميم ويعرب ... شموس تلالا في العلا وبدور

من الحميريين الذين أكفّهم ... سحائب تهمي بالندى وبحور

- ٢ -

ونشأ محمد (المنصور) نجيباً، طماحاً، عظيم الهمة، كبير القلب. أثر عنه أيام طلبه العلم بقرطبة نوادر تنبئ باعتداده بنفسه واستشراقه للمعالي. يقول محمد بن أسحق التميمي:

كان محمد بن أبي عامر نازلاً عندي في حجرة فوق بيتي، فدخلت عليه في بعض الليالي في آخر الليل، فوجدته قاعدا على الحال التي تركته عليها أول الليل حين فصلت عنه؛ فقلت له: ما أراك نمت الليلة. قال: لا. قلت: فما أسهرك؟ قال: فكرة عجيبة. قلت: في ماذا كنت تفكر؟ قال: فكرت إذا أفضى إلى الأمر ومات محمد بن بشير القاضي، بمن أستبدله، ومن الذي يقوم مقامه؟ فجلت الأندلس كلها بخاطري، فلم أجد إلا رجلاً واحداً. فقلت: لعله محمد بن السليم. قال: هو والله، لشد ما اتفق خاطري وخاطرك)

وكذلك رشحته للمعالي نفسه العظيمة وآماله الكبيرة، والمرء حيث يضع نفسه

- ٣ -

<<  <  ج:
ص:  >  >>