للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المكتبة العربية في عصر الحروب الصليبية]

للأستاذ أحمد أحمد بدوي

- ٣ -

تلك هي العوامل التي نهضت بالثقافة في ذلك العصر، وأغنت المكتبة العربية غنى ساهم فيه علماء ممتازون لا تزال أسماؤهم حية إلى يومنا، ولا تزال كتبهم باقية تدرس:

ففي القراءات نجد أشهر ما بقي لنا من ذلك العصر منظومة الشاطبية لمؤلفها القاسم بن فيرة الشاطبي المتوفي سنة ٥٩١، وقد استقبل العلماء تلك المنظومة منذ إنشائها خير استقبال، وبالغ الناس في التغالي بها، وأخذ أقوالها مسلمة، واعتبار ألفاظها منطوقا ومفهوما، حتى خرجوا بذلك عن حد أن تكون لغير معصوم

وساهم في تفسير القرآن يومئذ عدد كبير من العلماء أنتجوا أكثر من ثلاثين تفسيرا اشترك في تأليفها الشاعر الأديب كالحسن ابن الزبير، والفقيه المشرع كالعز بن عبد السلام، والواعظ المؤرخ كسبط ابن الجوزي، والنحوي كعلي بن عبد الله الوهراني، والمتكلم كعلي بن أحمد التجيبي، والصوفي كابن العربي، والطبيب كابن اللبودي، والمقرئ كعلم الدين السخاوي

وفي دار الكتب من أثار هذه الحقبة جزء من تفسير ابن المنير. وكتابه الانتصاف من الكشاف؛ ولابن العربي بعض تفسيره وكتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن، وكتاب رد معاني الآيات المحكمات؛ كما بقى للعز بن عبد السلام تفسيره وفوائد له، وهي أسئلة وأجوبه تتعلق بالقرآن الكريم، وكتاب كشف الإشكالات عن بعض الآيات وهي أجوبه عن أسئلة مشكلة في آيات من القرآن الكريم، كما عثرنا على بعض تفسير ابن ظفر الصقلي الذي سماه ينبوع الحياة، وعلى منظومة السخاوي في بيان متشابهات الكتاب، ومنظومة الديربني في التفسير

وقد تنوعت كتب التفسير في هذا العصر بين موجزة، وبين مطولة قد تبلغ خمسين سفرا أو تزيد

ولم يقف نشاط العلماء عند تفسير القرآن مجتمعا، بل انصرفت طائفة إلى تنظيم الاستفادة من كتب التفسير التي وضعها سواهم فاختصروها أو أكملوها، ومنهم من فسر جزءا منه قد

<<  <  ج:
ص:  >  >>