للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إلى الأستاذ توفيق الحكيم]

للأستاذ سيد قطب

- ١ -

صديقي الأستاذ توفيق الحكيم.

شكراً لك على هديتك الكريمة: كتابك الجدير (الملك أوديب) إنها شيء عزيز ثمين بالقياس إلى هنا في تلك (الورشة) الضخمة السخيفة، التي يسمونها: (العالم الجديد)!

لقد استروحت في كلمة الإهداء: (ممن يذكرك دائماً) نسمة رخيمة من روح الشرق الأليف - فالذكرى هي خلاصة هذه الروح - وما كان أحوجني هنا إلى تلك النسمة الرخيمة. . . إن شيئاً واحداً ينقص هؤلاء الأمريكيين - على حين تذخر أمريكا بكل شيء - شيء واحد لا قيمة له عندهم. . . الروح!

بحيث يقدم الدكتوراه في إحدى جامعاتهم - وقد قدم فعلا - عن: (أفضل الطرق لغسل الأطباق) أحب إليهم ألف مرة وأهم من رسالة عن (الإنجيل)، إن لم يكن أهم من ذات الإنجيل!

أمامي وأنا أكتب إليك هذه الكلمات في مطعم، شاب أمريكي يثب على صدره (سبع) ويجثم على ظهره (فيل)! لا تُرعْ! فذلك السبع إنما هو رسم يملأ فراغ رباط عنقه، وهذا الفيل إنما هو رسم كذلك يملأ فراغ صدريته! لقد رسم السبع باللون البرتقالي الفاتح على أرضية (أخضر زرعي)، ورسم الفيل باللون الكحلي على أرضية (كرنبي) وهذا السبع مع رباط الرقبة مدلى فوق الصدرية لا تحتها وحسب مزاج (التقاليع)!

هذا هو الذوق الأمريكي الغالب في الألوان!

والموسيقى. . . ولكن مالي وهذا كله؟ إن ذلك حديث آخر ليس وقته الآن.

أردت فقط أن أقول لك: كيف كانت هديتك لي في (العالم الجديد)!

أشعر بأنني أرد لك بعض جميلك حين أحدثك بصراحة كاملة عن عملك الفني الجديد، مؤثراً هذه الطريقة على كتابة مقالة نقد. ليست بي الآن أقل رغبة لكتابة مقالات، وليس لدي الوقت أيضا؛ إنما يشجعني إلى الكتابة اللحظة أنني أستحضر شخصك في خيالي، وأبادلك حديثاً بحديث، ليس فيه كلفة التحضير، ولا تعمل الفكرة، ولا اصطناع الأسلوب. .

<<  <  ج:
ص:  >  >>